عز الحجاب وذلت الرقاب








أيتها القارئات المؤمنات الطاهرات؛ أبعث إليكن بهذه الرسالة الإيمانية التربوية، المتضمنة لقصة واقعية، كان فضاء كلية أمريكية مسرحا لها.


  يحكي الدكتورالأمريكي محمد أكويا قائلا:


" قبل أربع سنوات, ثارت عندنا بالجامعة زوبعة كبيرة, حيث التحقت للدراسة طالبة أميركية مسلمة, و كانت محجبة, و قد كان من بين مدرسيها رجل متعصب يبغض الإسلام و يتصدى لكل من لا يهاجمه. فكيف بمن يعتنقه و يظهر شعائره للعيان؟ كان يحاول استثارتها كلما وجد فرصة سانحة للنيل من الإسلام. وشن حربا شعواء عليها, و لما قابلت هي الموضوع بهدوء ازداد غيظه منها,فبدأ يحاربها عبر طريق آخر,حيث الترصد لها بالدرجات, و إلقاء المهام الصعبة في الأبحاث, و التشديد عليها بالنتائج, و لما عجزت المسكينة أن تجد لها مخرجا تقدمت بشكوى لمدير الجامعة مطالبة فيها النظر إلى موضوعها. و كان قرار الإدارة أن يتم عقد بين الطرفين المذكورين؛ الدكتور و الطالبة، لسماع وجهتي نظرهما والبت في الشكوى. و لما جاء الموعد المحدد، حضر أغلب أعضاء هيئة التدريس، و كنا متحمسين جدا لحضور هذه الجولة التي تعتبر الأولى من نوعها عندنا بالجامعة.


 بدأت الجلسة التي ذكرت فيها الطالبة أن المدرس يبغض ديانتها. و لأجل هذا يهضم حقوقها العلمية، و ذكرت أمثلة عديدة لهذا، و طلبت الاستماع لرأي بعض الطلبة الذين يدرسون معها، وكان من بينهم من تعاطف معها و شهد لها. و لم يمنعهم اختلاف الديانة أن يدلوا بشهادة طيبة بحقها. حاول الدكتور على أثر هذا أن يدافع عن نفسه، و استمر بالحديث فخاض بسب دينها. فقامت تدافع عن الإسلام. أدلت بمعلومات كثيرة عنه. و كان لحديثها قدرة على جذبنا، حتى أننا كنا نقاطعها فنسألها عما يعترضنا من استفسارات، فتجيب فلما رآنا الدكتور المعني مشغولين بالاستماع والنقاش، خرج من القاعة.فقد تضايق من اهتمامنا و تفاعلنا. فذهب هو ومن لا يرون أهمية للموضوع.


بقينا نحن مجموعة من المهتمين نتجاذب أطراف الحديث. في نهايته قامت الطالبة بتوزيع ورقتين علينا كتب فيها: "ماذا يعني لي الإسلام؟ "؛ الدوافع التي دعتها لاعتناق هذا الدين العظيم. ثم بينت ما للحجاب من أهمية و أثر. وشرحت مشاعرها الفياضة صوب هذا الجلباب و غطاء الرأس الذي ترتديه. الذي تسبب في كل هذه الزوبعة. لقد كان موقفها عظيما، و لأن الجلسة لم تنته بقرار لأي طرف، فقد قالت أنها تدافع عن حقها، و تناضل من أجله، ووعدت إن لم تظفر بنتيجة لصالحها، أن تبذل المزيد حتى لو اضطرت لمتابعة القضية و تأخير الدراسة نوعا ما. لقد كان موقفا قويا. و لم نكن أعضاء هيئة التدريس نتوقع أن تكون الطالبة بهذا المستوى من الثبات، و من أجل المحافظة على مبدئها. و كم أذهلنا صمودها أمام هذا العدد من المدرسين و الطلبة. و بقيت هذه القضية يدور حولها النقاش داخل أروقة الجامعة. أما أنا فقد بدأ الصراع يدور في نفسي من أجل تغيير الديانة، فما عرفته عن الإسلام حببني فيه كثيرا، و رغبني في اعتناقه. و بعد عدة أشهر أعلنت إسلامي، و تبعني دكتور ثان و ثالث في نفس العام، كما أن هناك أربعة طلاب أسلموا. و هكذا في غضون فترة بسيطة أصبحنا مجموعة لنا جهود دعوية في التعريف بالإسلام والدعوة إليه، و هناك الآن عدد من الأشخاص في طور التفكير الجاد، و عما قريب إن شاء الله ينشر خبر إسلامهم داخل أروقة الجامعة. و الحمد لله وحده."[1]


أرأيت، أختي القارئة المؤمنة، صولة الحق وهشاشة الباطل، ذلك أن الحق أبلج والباطل لجلج، ومن ركب المنى أسحر وأدلج. فلا يجزعنك زبد الظلم ورعد الطغاة وبرقهم، فإنها سحابة صيف عن قريب تقشع، ويتلاشى ما كان يخاف ويفزع؛ "وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام". (سورة إبراهيم؛ 48-49).


د. عبد الله الشارف، كلية أصول الدين/ جامعة القرويين، تطوان المغرب، ذو الحجة 1433/ نوفمبر 2012.










[1] م. نايف منير فارس؛ "علماء ومشاهير أسلموا"، دار ابن حزم، 2010، ص 52-53.




إرسال تعليق

1 تعليقات