المستشرق وليم موير وأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم



لقد كانت أخلاق رسول الله ولا زالت محطَّ إعجاب كل المسلمين . كيف لا ونبينا قد أثنى عليه ربنا سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات، إذ يقول : "وإنك لعلى خلق عظيم" (سورة القلم، آية 4). وإن كل ما كتب في هذا الموضوع، قديما وحديثا، شعرا أو نثرا، يظل دائما دون مستوى الوصف الحقيقي لأخلاق وشمائل رسولنا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه. فأنى لبشر أن يصف ويحيط بأخلاق من هو على "خلق عظيم" بلسان القرآن ؟ والله إن العقول لعاجزة كل العجز عن أن تصف أخلاقه، وتحيط بجوهرها. وإن كلمات العربية ذاتها قاصرة عن القيام بهذا الأمر . اللهم إن كانت وحيا. مثل قوله تعالى : "وإنك لعلى خلق عظيم". في حين أن قولي أو قولك إن خلق نبينا عظيم، لا يفي بالمقصود الحقيقي، و لا يرقى إلى مستوى الوصف المطلوب، لأن القول من القائل. فقول الإنسان ناقص لأن الإنسان كذلك. وقول الله كامل، لأن الله موصوف بالكمال ومنزه عن النقصان.

وإن من دلائل عظمة خلق النبي صلى الله عليه وسلم أن كثيرا من المستشرقين، لم يسعهم إلا أن يمدحوا هذه الأخلاق النبوية، ويعترفوا بفضل نبينا ورحمته بالبشرية.
فها هو ذا المستشرق البريطاني وليم موير؛ (1819-1905)، يصف حياة رسول الله قائلاً:
"ومهما يكن هناك من أمر، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم، أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمدا صلى الله عليه وسلم في طليعة الرسل ومفكري العالم".1

وقال أيضا: "امتاز محمد(ص)، بوضوح كلامه ويسر دينه وقد أتم من الأعمال مايدهش العقول ولم يعهد التاريخ مصلحا أيقظ النفوس وأحيا الأخلاق ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل نبي الإسلام محمد (ص)".2

كما قال هذا المستشرق:
"ومن صفات محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ الجليلة الجديرة بالذكر ، والحَرية بالتنويه : الرقة و الاحترام ، اللذان كان يعامل بهما أصحابه ، حتى أقلهم شأناً ، فالسماحة والتواضع والرأفة والرقة تغلغلت في نفسه ، ورسخت محبته عند كل من حوله ، وكان يكره أن يقول لا ، فإن لم يمكنه أن يجيب الطالب على سؤاله ، فضل السكوت على الجواب ، ولقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها ، وقالت عائشة[رض الله عنها]، :وكان إذا ساءه شيء تبينا ذلك في أسارير وجهه ، ولم يمس أحداً بسوء الا في سبيل الله ، ويُؤثر عنه أنه كان لا يمتنع عن إجابة الدعوة من أحد مهما كان حقيراً ، ولا يرفض هدية مهداة إليه مهما كانت صغيره، وإذا جلس مع أحد أياً كان لم يرفع نحوه ركبته تشامخاً وكبراً"3.

وكما قال أيضا:
"كانت السهولة صورة من حياته كلها، وكان الذوق والأدب من أظهر صفاته في معاملته لأقلِّ تابعيه، فالتواضع، والشفقة، والصبر، والإيثار، والجُود صفات ملازمة لشخصه، وجالبة لمحبَّة جميع مَنْ حوله، فلم يُعرف عنه أنه رفض دعوة أقلِّ الناس شأنًا، ولا هديةً مهما صغرت، وما كان يتعالى ويبرز في مجلسه، ولا شعر أحد عنده أنه لا يختصُّه بإقبال وإن كان حقيرًا، وكان إذا لقي مَنْ يفرح بنجاحٍ أصابه أمسك يده وشاركه سروره، وكان مع المصاب والحزين شريكًا شديد العطف، حَسَنَ المواساة، وكان في أوقات العسر يقتسم قُوتَهُ مع الناس، وهو دائم الاشتغال والتفكير في راحة مَنْ حوله وهناءتهم".4

1-وليم موير: "حياة محمد" ص20.
2- وليم موير: " " ص31
3- وليم موير: " " ص 14.
4- وليم موير: " " ص 14.

د.عبد الله الشارف؛ كلية أصول / تطوان المغرب/ رمضان المبارك 1433- غشت 2012.

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. أشكرك سيدي الكريم على هذه النبدة عن ماقاله وليام مير عن نبينا صلى الله عليه وسلم إلا أنه من خلال كتابه لا يسلم من الفكر الإستشراقي الاستعماري الذي يحرف الحقائق في بعض الأحيان.
    سؤالي هل ترجم كتابه الى اللغة العربية لأني قرأت جزءا منه باللغة الأصلية؟

    ردحذف