علاقة الليبيدو الفرويدي بالتصوف اليهودي



 

"أتى والد فرويد من غاليسي، حيث تسود الهاسيدية، وهي شكل متأخر وواسع الانتشار من الصوفية اليهودية، يقول فرويد في رسالته إلى راباك أن والده أتى من وسط هاسيدي." 1

"فهو على سبيل المثال يقر بإحساسه بيهوديته في “حياتي والتحليل والنفسي” إذ يقول:
“ولدت في السادس من آيار – مايو 1856، في فرايبورغ بمورافيا، كان والداي يهوديين وبقيت أنا كذلك.
إن استغراقي المبكر في التاريخ التوراتي (منذ تعلمت القراءة تقريبا) كان له، كما اكتشفت ذلك فيما بعد، تأثير ثابت على وجهة اهتمامي." 2

"من الممكن القول أن هناك استعدادا ثقافيا بين يهود فيينا للتحليل النفسي، ذلك أو أول مستمع لأفكار فرويد عن التحليل كانت “جمعية اليهودية” بناي برث، وأن أوائل المحللين كانوا جميعا من اليهود. وأهم شخصية غير يهودية بينهم كانت يونغ، الذي ينتمي إلى تراث صوفي مسيحي، نذكر هنا ما حدث في المؤتمر الدولي الثاني في نومبورغ عام 1910، يومها اقترح فرويد يونغ رئيسا. فحصل اجتماع احتجاجي في إحدى غرف الفندق قال فيه فرويد:

إن أغلبكم يهود. وبالتالي غير قادرين على اكتساب الأصدقاء للعقيدة الجديدة: على اليهود أن يكتفوا بفتح الطريق. من الضروري أن أنسج علاقات مع الوسط العلمي لأنني أتقدم في السن، وقد تعبت من الهجمات المتواصلة علي. جميعنا في خطر!!؟" 3

"فتحدث تيو برمير في كتابه “فرويد قارئ التوراة”، عن أربعمائة نص توراتي اكتشفها في كتابات فرويد ومراسلاته، وبحث عن علاقته بالكتابات المقدسة، وتماهيه ببعض الشخصيات التوراتية وأهمها موسى ويوسف، الأول كمخلص لشعبه والثاني كمفسر الأحلام. كما ذكر إرنست سيمون وجود نصوص توراتية في مراسلات هذا الأخير مع مارتا وفليس، تشير إلى معرفة جيدة بالتوراة، وأشار ألكسندر كراينستاين إلى تأثيرات فرويد، ومن بينها التوراة على أحلامه، وكذلك فعل جوهاشيم شارنبرغ.
أما الأصول التلمودية للفكر التحليلي، فقد أفرد لها جيرار حداد كتابه: “الطفل غير الشرعي. المصادر التلمودية للتحليل النفسي” ؛ (1981)." وكان بول ريكور قد تناول هذه الفكرة أيضا في كتابه “دراسة حول التأويل عند فرويد” حيث ربط بين الشك عند فرويد، وطريقة التفكير التلمودية والمأثور الشفوي”4.
"كذلك حين نلاحظ الاستخدام الخارق للرمز الشهوي في الكابال، تقل دهشتنا للموقع المميز للجنس في الفرويدية. من هنا نستنتج أن الامتداد مباشر. لقد رفض فرويد اليهودية التقليدية، لهذا سمح لنفسه باللجوء إلى تراث طويل من البدع: التراث الصوفي. النتيجة: وجد التحليل النفسي في هذا التصوف اليهودي نفسه" 5.

"وفقا لأطروحة هذا الكتاب يجب أن تفسر مساهمة فرويد في خطوطها الكبرى، على أنها صياغة معاصرة لتاريخ التصوف اليهودي، ومساهمة في هذا التاريخ. إن فرويد بطريقة واعية أو لا واعية قد علمن التصوف اليهودي، ويمكن اعتبار التحليل النفسي بحق هذه العلمنة." 6

إنه لا يمكن فهم سيطرة مبدأ الليبيدو والجنس في تغيير مختلف أوجه السلوك الإنساني – كما ذهب إلى ذلك فرويد وانفرد به عن زملائه والمنشقين عنه ممن ساهموا في تأسيس التحليل النفسي وبلورة أفكاره- إلا في إطار ذلك التحليل الذي أثبته دافيد باكان في كتابه المشار إليه، حيث يذهب إلى أن فرويد كان يعمل من خلال أطروحته التحليلية، على علمنة التصوف الفرويدي – بما يتضمنه من مفاهيم ترجع في أصولها إلى الكابال والزوهار – محاولة من فرويد في حلة (علمية) لإنقاذ التراث الديني اليهودي من الاندثار ولو عن طريق علمنته، وتحريفه.

1-دافيد باكان “فرويد والتراث الصوفي اليهودي” ترجمة د. طلال عتريسي المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت 1988 ص 56
2- دافيد باكان، نفسه؛ ص 9-
3-دافيد باكان، نفسه؛ ص 63-
4- دافيد باكان، نفسه؛ ص 7-8-
5- دافيد باكان، نفسه؛ ص269 -
6-دافيد باكان، نفسه؛ ص34

د. عبد الله الشارف؛ "أثر الاستغراب في التربية والتعليم بالمغرب"، ألطوبريس، طنجة 2000، ص 84 وما بعدها.

إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. روح الايمان9 مايو 2015 في 1:34 م

    بارك الله فيك أستاذنا الفاضل و أعانك الله على فضح المزيد من حيلهم جميعا.

    ردحذف
  2. روح الايمان9 مايو 2015 في 1:35 م

    بارك الله فيك أستاذنا الفاضل و أعانك على فضح المزيد من حيلهم.

    ردحذف