كلام في لغو الكلام



 

إن من الآفات والأمراض التي ابتُلي بها المسلمون؛ آفة أو مرض لغو الكلام. وقلما يسلم مجلس من المجالس، أو حديث نفر أو جماعة، من هذا المرض العضال. والأدهى والأمر أن يكثُر بين أهل الثقافة والتربية وأصحاب المسؤولية، مما يدل على وجود خلل بنيوي عميق في سلوك وشخصية هؤلاء "المثقفين"، و"المربين"، والمسؤولين".

 

وإذا كان لغو الكلام يتراوح، شرعا، بين المباح والحرام مرورا بالمكروه، فإن المسلم مطالب باجتنابه ما استطاع، سدا لذريعة الوقوع في الحرام، أو فيما لا يحمد عقباه. قال الله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)". (سورة المؤمنون. 1-2-3).

 


ثم إن الإكثار من لغو الكلام يؤثر سلبا في شخصية الإنسان وقدره ومكانته في قلوب الناس. كما أنه يوهِن الإرادة ويستنزف الطاقة النفسية.

ولا عجب أن يكون تراثنا الأدبي والأخلاقي زاخرا بنصوص تتناول هذا الموضوع. أقتطف منها ما يلي:
قال عبد الرحمن بن عيسى الهمداني المتوفى سنة 320 هجرية، في كتابه "الألفاظ الكتابية"، ص 183: "باب الإفراط في الكلام"؛ تقول هو مِكثارٌ. وفي الأمثال: المكثار كحاطب الليل. ويقال: من كثر كلامه كثر سقطه. ويقال: هو مهذار، وثرثار، ومهتار...، ومتشدِّق، ومتقعّر،... ومتفيهق، ومتكلِّف، ومحكِّك. وتقول: ما كلامه إلا لغو، وهذر، وخطل، وحشو، وهذيان، وحديث خرافة".

 

إرسال تعليق

0 تعليقات