صدور الأفعال عن هيئة نفسية راسخة في القلب


 

إن ميل الإنسان نحو شيء ما، ماديا كان أو معنويا، والشغف به، قد يحدث في باطنه مع مرور الأيام، محبة عظيمة تشبه محبة العاشق لمعشوقه أو العابد لمعبوده. فيصبح هذا الشيء شغله الشاغل وهمه الوحيد.
ومن الموضوعات التي تتجسد فيها مثل هذه العلاقة والرابطة: المال، المنصب، الجاه، العلم، العبادة، اللهو (كرة القدم مثلا)، الشهوات، الظلم والإفساد، الإصلاح، الإحسان... إلخ.

 

وتترسخ الرابطة بين الذات والموضوع، أو المحب والمحبوب، عندما تصبح صورة الموضوع وروحه هيئة راسخة وصفة ملازمة لقلب المحب، وحينئذ تمسي تلك الهيئة الجوهرية الراسخة، مصدر الخواطر والأفكار الصادرة عن ذات المحب. ولذا تجد كل واحد من الناس تنطق جوارحه بما يختلج في صدره، مما له علاقة بتلك الهيئة الراسخة والصفة الملازمة لقلبه؛ وكل إناء بما فيه ينضح.


وعلى قدر قوة تلك الهيئة ورسوخها، وثبات تلك الصفة الملازمة للقلب، تكون قوة الأفعال ويكون تدفقها وتلقائيتها، وهو أمر نفسي باطني جُبِل عليه الإنسان لتتيسر حياته، ويمارس أعماله الحسنة أو القبيحة.
والعاقل الفطن من تعلق قلبه بالموضوعات الحميدة النافعة والأهداف السامية، حتى إذا صارت أرواحها وصورها هيئة راسخة في قلبه، طَفِقَت الأفعال الطيبة الزكية تصدر منه وتفيض عنه، فيضان الماء العذب من العين الجارية.

إرسال تعليق

0 تعليقات