ذكرُك له شرط ذكرِه لك



 

يا ابن آدم ألم يأت عليك حين من الدهر لم تكن شيئا مذكورا، ثم غدوت مذكورا. أو ليس من الشكر والإحسان أن تذكر من صيَّرك مذكورا، وباهى بك الملائكة وأسجدهم لك. لقد أنساك الشيطان ذكر ربك حسدا لما علم ذكر الخالق لك. فهو يطوف بك ويغويك وأنت لاتتذكر ولا تبصر. حذار أن يصدق عليك قول الله ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون). وحري بك إن أنت ظلمت نفسك أن تذكره وتستغفره، فيكشف عنك ما ظلمت به نفسك.

 

واعلم أن ذكرك له شرط ذكره لك (فاذكروني أذكركم)، وحبلك الموصل إليه. وإنك بالذكر موجود وبعدمه معدوم، وإنك بالبيان صرت إنسانا (خلق الإنسان علمه البيان). وحياة قلبك بالذكرى (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين).

 

وتجنب من أعينهم في غطاء عن ذكره كي لا تعمى بصيرتك. واعلم أن أجل أوصافك وصف العبودية. فأنت عبد الله بالذكر، وعبد الهوى بالغفلة، والسجين المعذب بالإعراض (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا). فعليك بذكر التسبيح والتهليل، وذكر الدعاء والثناء، وذكر التفكر والتدبر والتفقه، وذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم عليك بالحسنات لأنهن يذهبن السيئات (ذلك ذكرى للذاكرين).

إرسال تعليق

0 تعليقات