"مؤسسة راند" الأمريكية والحداثيون العرب

مؤسسة راند الأمريكية والحداثيون العرب


"مؤسسة راند مؤسسة بحثية أمريكية‏،‏ قريبة جدا من صانع القرار الأمريكي‏، فيما يتعلق بقضايا الإسلام والعالم الإسلامي‏..‏ وفي التقرير الذي أعدته هذه المؤسسة سنة 2004 ـ أي في العام الذي بلغ ذروة الهجمة الأمريكية على العالم الإسلامي بعد غزو أفغانستان والعراق ـ والذي ترجم ونشر تحت عنوان (خطة أمريكية لإعادة بناء الدين الإسلامي). جاء فيه تقسيم تيارات الفكر في العالم الإسلامي إلى أربعة تيارات هي:
1 ـ تيار الأصوليين: الذين يرفضون قيم الثقافة الغربية.
2 ـ تيار التقليديين: الذين يريدون مجتمعا محافظا, وهم في ريبة من الحداثة والتغيير.
3 ـ تيار العلمانيين: الذين يريدون أن يقبل العالم الإسلامي الفصل بين الدين والدولة.
4 ـ تيار الحداثيين: الذين يريدون العالم الإسلامي جزءا من الحداثة الغربية، ويريدون تحديث الإسلام ليواكب العصر.
ثم تطلب هذه الخطة من صانع القرار الأمريكي: دعم الحداثيين العرب, لأنهم الأكثر إخلاصا في تبني قيم وروح المجتمع الغربي الحديث.. ولأنهم مع العلمانيين العرب الأقرب إلى الغرب في ضوء القيم والسياسات. ومن بين ميادين الدعم الأمريكي المقترح لهؤلاء الحداثيين العرب: تشجيع تأويلهم للنص القرآني الحرفي الذي نعتبره (أي يعتبره الأمريكان) ـ تاريخا وأسطورة!!. أما آليات الدعم الأمريكي لهؤلاء الحداثيين العرب, كما أشارت إليها هذه الخطة الأمريكية, فهي:
أ ـ نشر وتوزيع أعمالهم ـ في شرح وطرح الاسلام ـ بتكلفة مدعمة.
ب ـ تشجيعهم على الكتابة للجماهير والشباب.
ج ـ تقديم آرائهم في مناهج التربية الإسلامية المدرسية.
د ـ إعطاؤهم منصات شعبية للتواصل مع الجماهير.
هـ ـ جعل آرائهم وأحكامهم في القضايا الكبيرة للتأويل والفهم الديني متاحة للجمهور حتى يمكن أن تنافس آراء وأحكام الأصوليين والتقليديين.
و. تيسير وتشجيع الوعي بالتاريخ السابق على الإسلام، والثقافة اللا إسلامية.
ز ـ تشجيع تأويلهم للنص الديني الحرفي الذي نعتبره تاريخا وأسطورة.
ثم انتهى هذا التقرير الأمريكي الكاشف عن مواقع الحداثيين العرب من مخططات الامبريالية الأمريكية المعاصرة ـ إلى القول بضرورة إعادة بناء الدين الإسلامي.."

هكذا يخطط أعداء الاسلام لضرب المسلمين، وتدمير هويتهم، وثوابتهم الدينية والتاريخية والحضارية. ثم يتهمونهم بالإرهاب. ومتى كان الضعيف يرهب القوي ؟ وهل يخيف الأسد مواء القط أو ثغاء الشاة؟ إن الإرهاب الأمريكي والغربي المسلط على المسلمين باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان، أعظم جريمة إنسانية يمارسها هؤلاء الغربيون الصليبيون. ومما يؤسف له أن كثيرا من المسلمين قد انساقوا مع هذا المخطط الأمريكي الإرهابي الرهيب، وتفاعلوا معه بطريقة أو أخرى. ومن أمثلة هذا التفاعل؛ تجرد بعض المسلمين من المظاهر والأوصاف والسلوكات التي تدل على الاسلام السني الملتزم، خوفا من أن يتهمو أو يقذفوا بالإرهاب !! ومن الدواهي المدهية والمصائب المبكية التي ابتليت بها بعض المجتمعات المسلمة؛ سكوت المسؤولين في هذه المجتمعات عن كلام وطعون الحداثيين والعلمانيين في الكتاب والسنة وثوابت الأمة من جهة، وتضييق الخناق على العلماء الغيورين والدعاة الصادقين، ومنعهم من القيام بواجبهم من جهة أخرى، مما يعمل على ترجيح كفة الفساد والانحراف الفكري والعقدي بين المسلمين.

 

د.عبد الله الشارف، كلية أصول الدين، تطوان المغرب/ رجب الخير 1439-مارس 2018.

إرسال تعليق

0 تعليقات