المسجد يغنم الكنيسة



لقد بات انتصار الإسلام، دينيا وثقافيا، أمرا أبين من فلق الصبح. وإن المتأمل في تاريخ الشعوب الإسلامية خلال العقود الأخيرة، يجد أن الصحوة الإسلامية قد عمت ربوع بلاد المسلمين، رغم تأخرهم العلمي وتخلفهم الاقتصادي، وسوء أحوالهم السياسية. وإن كيد الكائدين للإسلام في الداخل والخارج، من قبل المستغربين والحداثيين وأساتذتهم المستشرقين والمنصرين والصهاينة، لم يمنع شباب المسلمين من الرجوع إلى ذواتهم واستحضار هويتهم الدينية والثقافية والتاريخية.


كما أن الإسلام حقق انتصارا باهرا خارج حدوده، إذ طفق يستقطب كل سنة عشرات الآلاف من المسيحيين الذين يدخلون في دين الله أفواجا، حتى أصبح الإسلام حديث الخاص والعام في بلدان الغرب، وموضوعا من الموضوعات الأساسية في وسائل الإعلام الأوربية والأمريكية. ولعل من المظاهر المحسوسة الدالة على الفتح الإسلامي السلمي للبلدان المسيحية؛ تحول الكنائس إلى مساجد. وفي هذا الصدد  أقتطف من مقال: "المسجد في عقر دار الكنيسة" لكاتبه حسن السرات نصوصا تدل على هذا الفتح المبارك، على مرأى ومسمع من المسيحيين.


يقول الكاتب (جريدة هسبريس الإلكترونية المغربية)؛ (20/1/2013):


"تحولت كثير من الكنائس إلى مساجد في الثلث الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين سواء في البلدان العربية الإسلامية التي كانت مستعمرة من الدول الغربية المسيحية، أو في البلدان الغربية المسيحية التي هاجر إليها عدد من المسلمين الأميين لشغل مهن لم يكن يرضى الأوربيون بها، أو هجروا إليها قسرا للمشاركة في الحروب التي أشعلها الغربيون فيما بينهم وهم يتنازعون على القوة والمال والسلطان.


......


ولكن الغريب أن تتحول الكنائس إلى مساجد في قلب القارة الأوروبية التي يحلو لمؤرخيها وكتابها أن يصفوها بالقارة العجوز أو العتيقة، تعبيرا عن نرجسية وتركز حول ذاتهم، مع أن البساط قد سحب من بين أيديهم وأرجلهم منذ زمان وهم لا يشعرون. ذلك هو مكر التاريخ وهو يسير ويدور، ويظهر ويغور، ويمور ويفور.


وتشتد الغرابة عندما يعجز أهل الكتاب عن عمارة معابدهم، فيصيبها التصحر، ويعشش فيها البوم والجن والعفاريت وهي خاوية من روادها الذاكرين والمتعبدين للثالوث المقدس. فيضطر القساوسة إلى إطلاق نداء الاستغاثة والتحذير والتنصير والتبشير دون أي مجيب أو مجير. ودون أن يتساءلوا ترى أين ذهب الأتباع والرعايا الأوفياء؟ وما الذي أبعدهم عن الصلوات والمواعظ في الكنائس والأبراشيات؟


أزمة الكنيسة المسيحية ليست خاصة بفرنسا، بل عامة في أوروبا الغربية وفي كندا. فقد اضطرت عدة كنائس بالكيبيك، وكندا، للتخلي عن بناياتها بعد أن عجزت عن أداء تكاليفها المالية. وبلغ مجموع البنايات التي بيعت في أبراشية مونتريال وحدها 40 بناية، وتوجد 25 بناية أخرى في المزاد. ونصف 220 أبراشية في حالة إفلاس.


.........


وتبلغ الغرابة أوج قمتها عندما تجد مدنا من مدن أهل الكتاب قد خلت من الكنيسة إطلاقا، ولكن المسجد قائم فيها يتردد فيها ذكر الله (لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر، إن قرآن الفجر كان مشهودا). وذلك ما حصل في مدينة فرنسية صغيرة هي سانت مارتان دي شان، المقاطعة التابعة لبلدية فينيستير، بجهة بروطانيي، غربيي فرنسا، بأقصى شمال المحيط الأطلنطي. في هذه المدينة الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 5300 نسمة، لا توجد أي كنيسة، في حين أن مسجد المسلمين قائم بها.


ما حل بالكنائس المسيحية بفرنسا من اختفاء وانقراض أو خواء وهواء، أو تعمير المسلمين لها بذكر الله والصلوات، دون خيل ولا ركاب، فرض نفسه على المهتمين بالتراث المعماري الفرنسي وتحولاته الحديثة، فدخلت المساجد إلى قائمة التراث الجديد برونقها وجمالها وهندستها ووجوب العناية بها. وذكر هؤلاء المهتمون أن عدد المساجد قد تضاعف بطريقة مثيرة، إذ لم يكن بهذا البلد إلا مسجد واحد في العقدين الأولين من القرن الماضي، ليصبح اليوم أكثر من 2400 مسجد. الحريصون على الدراسة والإحصاء يذكرون أن المسلمين شيدوا مئة (100) مسجد كل عام منذ عشرين (20) عاما، وستزداد مساجدهم في العقدين القادمين."


إذا كان الكاتب قد حدثنا عن صفحة مشرقة متعلقة بالوجود الإسلامي في بلدان النصارى، فهناك صفحات  ومشاهد أخرى مظلمة وحبلى بالمخاطر، من بينها؛ الوضع الديني والثقافي لأبناء وأحفاد المهاجرين المسلمين، في بلدان الغرب المسيحي، حيث أكدت كثير من الأبحاث والدراسات الميدانية، أن مآت الآلاف من أبناء الأجيال الجديدة قد تبنوا الثقافة والهوية العلمانية، بفعل سياسة الإدماج القسري والتربية العلمانية، التي تسهر عليها الحكومات الغربية، والتي تستهدف هؤلاء الأبناء، وتحول بينهم وبين هوية ودين وتاريخ آبائهم. نعم إن الإسلام سينتشر في بلدان النصارى إن شاء الله، لكن بعد خراب البصرة !!


د.عبد الله الشارف؛ كلية أصول الدين/ تطوان المغرب/ ربيع الأول 1434/ يناير

إرسال تعليق

2 تعليقات

  1. Real brain power on display. Thanks for that aenswr!

    ردحذف
  2. اشرف الخباز29 مارس 2013 في 2:09 م

    نعم يا استاذنا الفاضل الاسلام قادم بقوة لانه الحق المبين و البقاء للحق ,هذه سنة الله في الكون و اما الزبد فيذهب جفاء و اما ما ينفع الناس فيمكث في الارض

    ردحذف