المرأة ذلك الكائن المظلوم






هل من  المساواة في شيء أن تشتغل المرأة في المعمل أو الإدارة، ثم تضيف إلى ذلك أتعاب العمل في البيت ؟


يقول العلامة أبو الأعلى المودودي رحمه الله:


«إن الرجل والمرأة، وإن فرض أنهما متكافئان في القوة الجسدية والاستعداد الذهني، لم تحمل الفطرة عليهما مع ذلك، واجبات متساوية. وذلك أن الرجل لم يجعل عليه من خدمة بقاء النوع غير أن يلقى بذرة في الحرث، ثم يروح لسبيله حتى يعمل فيما يشاء من شعب الحياة. والمرأة بخلاف ذلك قد حملت معظم أعباء تلك الخدمة. وللنهوض بهذه الأعباء فهي تعد منذ تكون مضغة لحم في بطن أمها، ولهذا الغرض يقوم هيكلها الجسدي، ولهذا ـ لا غيرـ تنتابها مدة شبابها وكهولتها نوبات الحيض، التي لا تدعها أهلا للقيام بتبعة جسيمة، أو بجهد عقلي أو بدني لثلاثة أيام أو سبعة عشر من كل شهر. ولهذا الغرض نفسه تعاني المسكينة متاعب الحمل وما بعد الحمل، طول سنة كاملة تظل خلالها معلقة بين الصحة والمرض. ثم لهذا كله تمر عليها سنتان من الرضاعة، تسقي فيها الزرع الإنساني بدمها وترويه من ينابيع ثدييها. وبعد ذلك أعواما ذوات عدد، في التربية الابتدائية لولدها، تحرم نفسها أثناءها نوم الليل وراحـة النهار، وتؤثر الجيل الآتي على راحتها ومتعتها وبهجتها ورغباتها، وعلى كل ما يعز عليها.


فإذا كان الواقع ما وصفنا، فانظر ماذا يقتضيه الإنصاف في أمر المرأة؟ هل من الإنصاف إليها أن تطالب بالقيام بتلك الواجبات الفطرية التي لا يشاركها فيها الرجل بطبعه، ثم يحمل عليها فوق ذلك مثل ما يحمل على الرجل من واجبات التمدن، التي قد أعفي هذا لأجل القيام بها من جميع واجبات الفطرة؟ فيفرض عليها أن تتحمل كل ذلك  المصائب التي تتجشمها الفطرة، ثم تخرج من البيت كالرجال لتعاني الكسب، وتكون معهم على قدم المساواة في القيام بأعمال السياسة والقضاء والصناعات، والمهن والتجارة والزراعة، وإقامة الأمن والدفاع عن حوزة الوطن. وليس هذا فحسب ، بل يكون عليها بعد ذلك أن تغشى المحافل والنوادي، فيتمتع الرجال ببراعة جمالها وأنوثتها، وتهيء لهم أسباب الخلاعة والمجون واللذات والمتعة(؟ !!!) ، أما والله إنه ليس من الإنصاف، بل هو عين الظلم والعدوان وليس بمساواة بين الصنفين، بل هو عبث صريـح بالمساواة. وإنما الذي يقتضيه الإنصاف، هو أن الصنف الذي قد كلفته الفطرة أعباء جساما لا يكلف من أعمال التمدن إلا ما هو خفيف المحمل، وأن الذي لم تكلفه الفطرة بشيء عظيم، يحمل عليه من واجبات التمدن ما هو أهم وأثقل وأدعى للجهد والتعب، ويكون أيضا قواما على الأسرة يرعاها ويربيها»[1].


 ومن ناحية أخرى أكدت كثير من البحوث الاجتماعية استحالة وجود جهاز يحل محل الأسرة ويقوم بوظيفتها، وأن نظام المحاضن برهن على أنه لا يخلو في أضرار مفسده لتكوين الطفل وتربيته. فليس من الإنسانية أن يحرم أولئك الاطفال من حنان أمهاتهم ورعايتهم في ظل الأسرة، ويزج بهم في تلك السجون. ولا غرابة في أن يصاب عدد كبير منهم باضطرابات نفسية، وذلك من جراء اصطدام نظام المحاضن بفطرة الطفل وتكوينه النفسي. وقد ذهب غير واحد من علماء الاجتماع إلى القول بأن الأسرة عبارة عن مؤسسة دائمة غير قابلة للتغيير، منعزلة عن الشروط الاجتماعية المتغيرة. وبينوا حب الأم على أنه غريزة ينحدر من الأعمال الفزيولوجية المشتركة بين كل الحيوانات، وكذلك حمايـة الأب فإنه واجب محتوم عليه بسبب ضعف الزوجة والأولاد.


إن نظام عمل المرأة الذي يضحى بالصحة ‎النفسية للطفل، أغلى خبرة على وجه الأرض، لجدير بالمقت والمعارضة. أليس في وسع الحكومات والأنظمة الجاهلية في العالم أن تعفى المرأة من جحيم العمل خارج عشها بتقديم معونات مادية لكل امرأة محتاجة؟ بلى في وسعها ذلك. ولكن إفساد الأسرة أمر قد خطط له من قبل، وسهر على ذلك مجموعة من أولي الفكر والسياسة، ممن عرفوا بالثورات ضد الكنيسة وكل ما يتعلق بمخلفات القرون الوسطى الغربية، من نظم اجتماعية وعادات وتقاليد.


تقول الكاتبة الأمريكية مريم جميلة التي دخلت في الإسلام ونبذت اليهودية دين آبائها:


« لم يكن الرواد الأوائل لحركة تحرير وإفساد المرأة، سوى "ماركس" و"إنجلز" مؤسسا الشيوعية، اللذان أفتيا في " الوثيقة الرسمية للبيان الشيوعي (1848) بأن الزواج والبيت والأسرة، لم يكن في الماضي سوى لعنة أدت إلى وضع النساء في رق دائم. لذلك أصرا على وجوب تحرير المرأة من العبودية المنزلية، كي تشارك عن طريق استقلالها الاقتصادي التام، في عملية التطور من خلال وظيفتها مع الرجال واشتغالها في المصانع في عمل يوم كامل»[2].


لقد أضحى من البديهي أن يؤثر منطق النظام الرأسمالي الناشئ في البنية الاجتماعية للمجتمعات الغربية، حيث أغرى بأجوره الزهيدة،  مئات الآلاف من النساء اللواتي هرعن إلى مصانع النسيج وغيرها يلتمسن العمل.










[1] ـ أبو الأعلى المودودي: "الحجاب" ، دار المعرفة ، د.ت.  ص 192-193.





[2] ـ مريم جميلة : "تحذير المرأة المسلمة" (ترجمة طارق السيد خاطر)، القاهرة   د.ت. ص 87



د. عبد الله الشارف، جامعة القرويين/كلية أصول الدين؛ تطوان المغرب، محرم 1434/دجنبر2012.




إرسال تعليق

3 تعليقات

  1. من المعلوم ان التوزيع الطبيعي في الوجود يقتضي أن يكون عمل الرجل الطبيعي خارج البيت ، وعمل المرأة الطبيعي في الداخل ، وكل من قال غير هذا فقد خالف الفطرة وطبيعة الوجود الإنساني و للكن لا اظن ان المرأة تتجرع مرارة العمل و الم المعاناة اليومية من تحقيق المساواة المزعومة و خاصة اللواتي يشتغلن في المصانع باجور زهيدة و اما قساوة ظروف العيش هي التي فرضت عليها هذا الوضع
    اضافة الى ان هناك أعمال تمس فيها الحاجة إلى المرأة : كالتوليد والتطبيب للنساء ، وكتعليم النساء في مدارس خاصة لهن ، فمثل هذه المرافق ينبغي للأمة أن تهيئ لها طائفة من النساء تسد حاجة المجتمع وتقوم بمتطلباته
    ومن المجالات التي يمكن للمرأة العمل فيها – على سبيل التمثيل لا الحصر - :
    • الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
    • التدريس .
    • الطب والتمريض للنساء خاصة .
    • الخدمة الاجتماعية ، والعمل الخيري في المجتمعات النسائية .
    • العمل الإداري في محيط النساء .
    • شؤون المكتبات الخاصة بالنساء .
    وغير ذلك مما يناسبهن في ضوء الشريعة الإسلامية

    ردحذف
  2. If information were soccer, this would be a gooooaol!

    ردحذف
  3. Thanky Thanky for all this good infomartion!

    ردحذف