ما أشبه الظالم الفاسد بالحيوان



 

قال العلامة الفقيه محمد بن قيم الجوزية رحمه الله، في كتابه "الفوائد" ص 95:

"سبحان الله، في النفس : كِبر إبليس وحسد قابيل وعتو عاد وطغيان ثمود وجرأة نمرود واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة هامان وهوى بلعام وحيل أصحاب السبت، وتمرد الوليد ، وجهل أبي جهل . وفيها من أخلاق البهائم : حرص الغراب، وشره الكلب، ورعونة الطاووس، ودناءة الجعل، وعقوق الضب، وحقد الجمل، ووثوب الفهد، وصولة الأسد، وفسوق الفأرة، وخبث الحية، وعبث القرد، وجمع النملة، ومكر الثعلب، وخفة الفراش، ونوم الضبع . غير أن الرياضة والمجاهدة تذهب ذلك . فمن استرسل مع طبعه فهو من هذا الجند، ولا تصلح سلعته لعقد : "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم . . . " سورة التوبة، الآية (111)، فما اشترى إلا سلعة هذبها الإيمان فخرجت من طبعها إلى بلد سكانه التائبون العابدون .

هذا نص تراثي رائع ونفيس يشتمل على فوائد ذات أهمية بالغة تتعلق بطبيعة النفس البشرية، وبعض مظاهر سلوكها وأوصافها مع إقامة تماثل وتقارب بين هذه الأوصاف البشرية وبين ما يشبهها من أوصاف كثير من الحيوانات.
وتشبيه الإنسان بالحيوان من حيث السلوك مبسوط في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: " مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بايات الله والله لا يهدي القوم الظالمين "سورة الجمعة آية 5.
وقوله أيضا: "فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث‏"..‏سورة الأعراف‏:176. وقوله تعالى: "أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا" سورة الفرقان آية 44.

بل إن الله سبحانه وتعالى مسخ أصحاب السبت، وصيرهم قردة، بسبب طغيانهم وتمردهم، وتجرئهم على حدود الله. معنى هذا أن الإنسان عندما تنحط أخلاقه، وتسوء سلوكاته بحيث يؤذي نفسه وغيره، يتعرى من عقله، ويقترب من الحيوانات، وينسج مع بعضهم علاقات القرابة.
وغني عن البيان أن أخلاق وصفات إبليس وفرعون وهامان وقارون، وكثير من صفات الحيوانات المذكورة في نص العلامة ابن القيم، أكثر من يجسدها الحكام والمسؤولون الظالمون، وأصحاب القوة والقرار المتجبرون عبر العصور والأزمان.

ولعل نموذجي جورج بوش وبشار الأسد، من النماذج البشرية الحيوانية المعاصرة، التي جمعت في كيانها عصارة تلك الصفات التي اتصف بها أولئك الطواغيت من إبليس وفرعون وهامان.. والصفات والغرائز التي جبل عليها الأسد والنمر والأفعى... ثم إن بشار الأسد إسم على مسمى وإن كان جبانا. وجورج بوش إسم على مسمى أيضا، لأن بوش إسم لنوع من الكلاب، كما أنه يبصبص بذنبه لليهود !!

د. عبد الله الشارف، كلية أصول الدين/ تطوان المغرب/ رمضان 1433/غشت 2012.

إرسال تعليق

0 تعليقات