الإفساد التربوي: مادة اللغة الفرنسية أنموذجا

بينما كنت أتأمل بعض النصوص التربوية الفرنسية والمقررة في تسعينيات القرن الماضي، استوقفتني بعض المشاهد الغريبة والمفسدة.
في الصفحة الأولى من الكتاب المدرسي (السنة التاسعة من التعليم الأساسي) ، تواجهنا صورة بالألوان لشاب في العشرينيات من عمره يتحدث إلى فتاة في مثل سنه يقول لها: «اسمي إيريك.. إن كريكوري طلب مني أن أقدم عندك في وقت الحاجة."
في الصفحة الموالية، نجد صورة أخرى بالألوان، حيث تقدم فتاة نفسها لشاب قائلة: «اسمي سيسل فابغ، وأختي اسمها ايسابيل، لا شك أنك تعرفها… وهي التي دعتني لحضور هذه السهرة "!!
ما الذي دعا المؤلفين لوضع هاتين الصورتين اللاخلاقيتين في مستهل الكتاب. صحيح أنهما يتعلقان بالدرس الأول الذي يحمل عنوان “أقدم نفسي، أقدم غيري”.
لكن هل انعدمت كل الوسائل التقنية لشرح هذا الدرس، واضطررنا للجوء إلى هذه الوسيلة الملوثة. لا شك أن المشاهد للصورتين سيستنتج ما تتضمنه من معاني الخلوة والخلاعة، تلك المعاني التي سيكون لها الأثر السيئ في نفسية وسلوك التلميذ الناشئ.
في الصفحة 119، نشاهد أربع صور ملونة، إحداهن تضم امرأة وابنتها وهما يتحدثان، تقول الأم: لا أريد أن تظلي كل مساء بجانبي … ألم يقترح نيكولا عليك العشاء معه؟ فتجيب البنت: “نعم ولكن أبيت” أية فائدة يجنيها التلميذ والتلميذة من هذا الحوار اللاخلاقي؟.
“صباح الخير؛
اسمي ليلى. أدرس في السنة الأولى من التعليم الثانوي شعبة الآداب تعجبني، مثلك السينما والقراءة والموسيقى العصرية.
قامتي طويلة، وزني 50 كلغ ألبس سروالا متجانسا مع معطف أحمر… أتمنى أن تكون هذه المراسلة بداية صداقة طويلة.
ليلى ؟!!!
هذه الرسالة نسجها مؤلفو الكتاب المدرسي وأدرجوها في محور «وصف الشخصية» أحد محاور الكتاب المدرسي للسنة الأولى من التعليم الثانوي.
ألا يستحي هؤلاء المؤلفون (المربون) من هذا العمل الشنيع؟ ما هذه الرذيلة التي يدعون إليها أيأمن أحدهم على ابنته الغواية والتأثر بهذه الرسالة والاختلاء بالذكور؟ هل هذا درس تربوي أم درس إفسادي؟
“ينبغي للمرأة … أن تفتن وتحير وتسحر . وبما أنها تشبه الوثن الذي يعبد، فحري بها أن تستعمل المساحيق ومستحضرات التجميل كي تعشق، … فتستولي على القلوب وتأسر العقول )؟!!!
هذا النص للشاعر الفرنسي الخليع والماجن “شارل بودلير”)، دعوة أخرى من “المربين” إلى بناتنا البريئات لدفعهن إلى ولوج عالم التبرج والغواية،
لا شك أن هذه النصوص النتنة والمفسدة، والمحرضة على الميوعة والانحلال الخلقي، كان لها وقعها السيئ في عقول وقلوب تلاميذنا وفلذات أكبادنا. ورغم أنها نصوص قد درست في تسعينيات القرن الماضي، فإن أثرها السام والهدام، لم تمحه الأيام ولا السنون. وما نشاهده كل يوم من مظاهر التفسخ المتجلية في سلوك التلاميذ والطلبة إلا نتيجة من نتائج تلك النصوص وأشباهها. إن ما قد عجز عنه المستعمر الفرنسي فيما مضى، لم يعجز أذنابه وتلامذته المستغربون الأوفياء !!!
د. عبد الله الشارف
تطوان، المغرب/ ربيع الأول 1433/ فبراير 2012

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. الحسين أبو خالد3 نوفمبر 2013 في 6:43 ص

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ((.... هنيئا لنا بعلماء يتتبعون الداء من منبعه ...وأسأل الله سبحانه أن يعيننا جميعا على علاجه و استئصاله ))

    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    ــ قرأت اليوم 3/11/2013 على الشاشة في الفيس بوك [ قصة الماجن الذي سجد لإمراة ، ومات على ذلك !!] .... ثم اطلعت على الموضوع أعلاه والمتعلق بمقررات ( اللغة الفرنسية ــ سابقا ــ للسنة التاسعة إعدادي والأولى ثانوي ) والتي قلما يطلع عليها الآباء وأولياء التلاميذ والتلميذات ، والعلماء والعالمات ...فتسري السموم فيما يتلقاه الأبناء والبنات من معارف مفسدات ، دون أن يتفطن الناس إلى أسباب ما يشاع من الفواحش ( كنتائج فيما بعد ) ما ظهر منها وما بطن في أوساط مجتمعاتنا !!!. ... وما دعوات المثليين ، والراغبين بالجهر بالأكل في الأماكن العمومية نهارا في شهر رمضان انتهاكا صريحا يعتبرونه من الحقوق الفردية ، وءاخرها تظهارة [ البــــــــــــــوســـــــــــان أمام الــــــــــــــــبـــــــــرلـمان ] إلا دليل على هذه النتائج !!!! ــ فشكرا للأستاذ الفاضل الكريم على غيرته المأجورة أولا ، وشكرا له على التنبيه إلى هذا المسلك ، وهو التشخيص للداء والبحث عن منابعه ومصادره وأسبابه لعلاج ما يمكن ، واستئصاله ...والله الموفق للصواب والمستعان على كل بر وخير وصلاح ...والسلام عليكم

    ردحذف