جامعة القرويين وتحديات الحاضر والمستقبل

بسم الله الرحمن الرحيم               تطوان 20 ماي 2011

المنتدى الوطني للجامعات المغربية

الدورة التاسعة، كلية العلوم، تطوان.

جامعة القرويين وتحديات الحاضر والمستقبل

د.عبد الله الشارف

كلية أصول الدين تطوان المغرب

1- تمهيد:

إن الحديث عن جامعة القرويين حديث عن معلمة دينية، وحضارية، وثقافية، أصلها ثابت وفرعها في السماء. مثلها كمثل الكلمة الطيبة، تلك الكلمة التي يراد إعدامها، ثم إقبارها، أو تحنيطها، كي تظل هيكلا أثريا فاقد الروح. لكن هيهات هيهات؛ إذ الكلمة من الكلمة الأولى، والمعلمة مرتبطة بالوحي ارتباط الخلية بنواتها.

ويصعب على كل مغربي، أبي وغيور، أن يذكر مكونات الشخصية المغربية، دون الوقوف عند مكانة القرويين ودورها في بناء معالم هذه الشخصية بكل مظاهرها ومعاييرها.

"لقد كانت القرويين في الماضي المشعل المضيء في تاريخ المغرب الثقافي والحضاري، وأدت هذه المؤسسة الثقافية دورا قياديا في حماية الشخصية المغربية، كما أدت دورا ثقافيا وعلميا في تكوين الحضارة المغربية، فالقرويين لم تكن مجرد جامعة علمية لتكوين الأطر الدينية، ولم تكن مدرسة تعليمية لدراسة علوم التفسير والحديث والفقه، ولم تكن فقط مسجدا تقام فيه الصلوات في مواعيدها، وإنما كانت تمثل ضمير المغرب، لأنها رمز من رموز الشخصية المغربية فأبناؤها هم النخبة التي يقع عليها الاختيار لمواجهة التحديات الخارجية، وعلماؤها هم أصحاب الحل والعقد، ولا يبرم أمر من الأمور الهامة إلا بموافقتهم، لأن ثقة الأمة بهم كبيرة.

وعندما بدأ نور القرويين يخبو وصوتها يخفت ودورها يتراجع بدأت ملامح الأزمة تلوح في الأفق، مخلفة وراءها شعورا بالضياع والتيه، وتعالت أصوات لم تكن معروفة من قبل تطالب بإقصاء الثقافة الإسلامية عن البرامج الدراسية، وبعزل القرويين عن الحياة العامة، وبالاستغناء عن لغة القرآن في الكليات والمعاهد والمؤلفات العلمية، حتى أصبحنا نشفق على الرمز الذي احتضن آمال المغرب لمدة قرون، فكان الحصن المنيع الذي تكسرت على جدرانه كل المؤامرات والتحديات التي استهدفت شخصية المغرب وثقافته وتراثه"[1].

لقد قامت جامعة القرويين بدورها الكبير في الذب عن الذات الإسلامية وحراستها، والمحافظة على الانتماء الديني، والثقافي للمغاربة. ولطالما واجهت العقبات، وتصدت للفتن والدعوات الباطلة، والبدع الضالة، والنزعات والميولات الزائغة، عبر تاريخها المجيد، حيث كانت تعقد في رحابها المساجلات والمناظرات العلمية، والأدبية، والدينية، ويميز فيها بين الصحيح والسقيم، والحق والباطل.





2-تساؤلات:

بعد هذه الكلمة التمهيدية الموجزة، أنتقل إلى صلب الموضوع مفتتحا ببعض التساؤلات المهمة، والواقعية، وهي كالآتي:

- ما هو دور جامعة القرويين، في الوقت الحاضر؟

- هل تؤدي هذه الجامعة وظيفتها في ضوء القيم والأهداف الإسلامية الصحيحة؟

- هل تواكب القرويين تطورات العصر ومستجداته؟

- ما هي فعالية الجامعة في توظيف عقيدة المسلم في بناء رؤيته الكلية، ونموذجه المعرفي الكلي، وجعله قادرا على مواجهة مستلزمات الحياة المعاصرة بعقلية مبدعة مجتهدة؟

- هل نجحت جامعة القرويين، كمؤسسة علمية، في إعداد الباحثين والعلماء والأساتذة الأكفاء المتخصصين في فروع العلم والمعرفة؟

- ما هي صلة جامعة القرويين بمجتمعها، وهل ساهمت في حل مشكلاته التربوية، والاجتماعية، والاقتصادية، والعلمية؟

إن الباحث الناقد المتأمل في وضعية جامعة القرويين يستطيع، بكل سهولة ويسر، صياغة الجواب الصحيح والمنطقي على التساؤلات السابقة. ذلك أنه لن يتردد في الحكم على وضعية القرويين بالضعف والجمود، والانحراف الشديد عن المسار العلمي والإشعاعي الذي عرفته جامعتنا العتيدة فيما مضى من الأجيال والقرون.

ففيما يتعلق بالتساؤل الأول: ما هو دور جامعة القرويين في الوقت الحاضر؟ يمكن القول أن دورها الآن ينحصر في الحفاظ على اسمها فقط، أما مسماها فقد أمسى مغيبا.

وجوابا عن التساؤلين التاليين: هل تؤدي هذه الجامعة وظيفتها في ضوء القيم والأهداف؟ وما هي فعالية الجامعة في توظيف عقيدة المسلم في بناء رؤيته الكلية ونموذجه المعرفي الكلي، وجعله قادرا على مواجهة مستلزمات الحياة المعاصرة؟

أرى أن هناك قطيعة جوهرية، على مستوى المنهج، بين

ما تقدمه الجامعة من دروس وعلوم ومعارف، وأنشطة ثقافية، وبين ما ينبغي أن تطمح إليه من الأهداف والغايات التي تجعل من الطالب الجامعي عنصرا بناء مندمجا في الحياة الاجتماعية بطريقة فعالة وصالحة. ولذا فإن هذه المؤسسة الجامعية تبدو، بما هي عليه الآن، غير مؤهلة لإعداد الباحثين والعلماء، والأساتذة الأكفاء، الذين يحملون هم المجتمع، ويساهمون في حل مشكلاته على اختلاف أنواعها.

3- تحديات:

لقد تمخض عن هذا الوضع المتأزم والمأساوي عجز جامعة القرويين عن مواجهة التحديات المعاصرة، التي أبرزها ما يلي:

1- التحدي الثقافي والإيديولوجي، المتمثل في قوة الغرب وهيمنته.

2- التحدي العلمي والتكنولوجي.

3- التحدي الناتج عن حدوث مشكلات اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، بسبب التطور السريع، ذلك التطور الذي ينجم عن اضطراب بين القيم والأهداف التي يفرضها التقدم المادي، وكذا القيم والأهداف، التي تبلورت من خلال تفاعل الموروث العقائدي، وحاجات المجتمع.

4- نمو تياران فكريان ومذهبيان داخل المجتمع؛ أحدهما يحاول تأكيد الهوية الذاتية للمجتمع الإسلامي، والآخر يميل نحو استعارة الحلول المستوردة.

إن جامعة القرويين عاجزة تماما عن التصدي للتحديات المشار إليها، لكن هل هذا العجز ملازم للقرويين وحدها أم يشمل باقي الجامعات المغربية؟ لا شك أن عامل العجز يسري في روح كل الجامعات على اختلاف أنواعها وتخصصاتها، بيد أن جامعة القرويين تتحمل مسؤولية هذا العجز أكثر من غيرها لأنها قلب المغرب، في حين أن الجامعات الأخرى بمثابة الأطراف، و،إذا مرض القلب واعتل انتقلت العدوى إلى الأطراف، وهذا بعينه الذي حصل.

4- أسباب تخلف وتأخر الجامعات في المغرب والعالم الإسلامي:

أ‌- ظروف وخلفيات نشأة الجامعات الحديثة:

إن النخبة السياسية والثقافية التي أمسكت بمقاليد السياسة والثقافة بعد رحيل المستعمر، بقيت على صلة حميمية برجال ورموز السياسة والثقافة في أوربا، بل أصبح الرجل الغربي، الذي كان بالأمس القريب مستعمرا وعدوا، مثالا للإنسان المتقدم المتحضر، ونموذجا، بل مثلا أعلى في الرقي والتربية والعلم، وهذه من  المفارقات العجيبة التي تدعو إلى العجب والتأمل....وهكذا تبعا لقاعدة التقليد والإمعية والبصبصة، نشأت المؤسسات الجامعية في البلدان العربية مقلدة النظام التعليمي الغربي في جميع مراحله، بدءا بالمرحلة الابتدائية وانتهاء بالمرحلة الجامعية، واعتقدت الهيئات الحكومية في تلك البلدان أنه لا تقدم يرجى بدون تبني نظام  التعليم الغربي.

وهكذا أصبح النموذج الجامعي الفرنسي، النموذج المحتذى به في بلدان شمال إفريقيا (تونس، الجزائر والمغرب)، وأما أقطار المشرق الغربي فقد قلدت جامعاتها النماذج الجامعية الفرنسية والبريطانية والأمريكية، وكان لانفتاح التعليم في بلدانها على التجارب الجامعية الغربية، وإرسال البعثات العلمية لفرض الدراسة والحصول على الشهادات، كان لهذا الأمر أثر كبير في ترسيخ النموذج الجامعي الغربي وأهدافه.

وأما المدارس الدينية فقد ظلت تحت رحمة الأوقاف الإسلامية، أو بعض المساعدات الحكومية، وأصبحت، في بعض الجوانب، شبيهة ببعض المعاهد اللاهوتيية التي تقوم بإعداد من يعرفون برجال الدين.

إن المثقفين في البلاد العربية والإسلامية يعيشون حالة انفصام ثقافي، وفكري بسبب ازدواجية التعليم، فهناك علوم دينية وأخرى دنيوية، وأصبح الخريجون فرقين: (علماء دين) و (علماء دنيا).

إن هذا الوضع يشكل عقبة كأداء في وجه طموحات وآمال الأمة الإسلامية، تلك الأمة التي لم تستطع بعد تحقيق عملية النهوض الحضاري لعدة أسباب، من بينهما؛ فشل العملية التعليمية في تقديم فكر يتجاوز أزماته، ويحقق ويواكب مستجدات الحياة.

ب- التغريب:

مما لا شك فيه أن قضية التربية والتعليم في بلادنا من أكثر القضايا التي نالت، وما تزال، اهتمام الباحثين والدارسين على اختلاف ميولهم ومشاربهم. ولقد كان المغاربة في زمن الاحتلال الأجنبي، يعتبرون المستعمر المسؤول الأول عن تخلف التعليم وتردي أحواله، ومن ثم فلا يمكن لهذا القطاع أن ينتعش ويتطور إلا إذا قويت الهمم والعزائم ورغبت النفوس في خوض معركة التحرير. وهكذا كان ينظر إلى الاستقلال السياسي باعتباره الأمل الوحيد في إصلاح التعليم وتوحيده وتعريبه وحل جميع مشاكله، والوسيلة إلى الاستقلال الفكري. لكن ما أن خرج المستعمر وسلم الأمور إلى أهلها حتى اختلط الحابل بالنابل وبدا الحلم سرابا، واصطدم المغاربة بالتغريب والتبعية الفكرية، فضاعت جهود التحرير وذهبت الآمال أدراج الرياح، وصرح الحق عن محضه.

لقد بات واضحا وضوح الشمس في كبد السماء، أن خطة التغريب التي نسجتها وأعدتها، قبل مجيء الاستقلال، أيدي ورؤوس أجنبية وداخلية، أوأدت حلم الاستقلال الفكري والتعريب. إن المستعمر شأنه في البلدان الإسلامية الأخرى، كان يحرك آلة التغريب من خلال ثلاث قوى كبرى هي المدرسة والثقافة والصحافة. وبعد الاستقلال ظلت هذه القوى مرتبطة بالتغريب اللامرئي البالغ النفاذ والتأثير.

وهكذا انتقل التغريب من مظهر العنف والقوة إلى مظهر الهيمنة الخفية، والتوجيه العقلي المخطط والمدروس، وما يصاحب ذلك من الإغراء والفتنة وخلق الآمال الكاذبة بالخلاص عبر وسائل التأثير الأكثر تغلغلا وبطرق غير مباشرة لا يتفطن إليها معظم المثقفين بله العوام.

" لقد قامت حركة التغريب ، وما تزال ، بمحاولات متعددة تستهدف احتواء الفكر الإسلامي، وسلخ المسلمين عن هويتهم وشخصيتهم، وحثهم على التكيف مع ذهنية الغرب والاستئناس بها.

لم يكن الاستعمار الغربي ليكتفي بالغلبة "الظاهرة" ، الغلبة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتقنية، ذلك أن استقرار الغلبة وديمومتها قد احتاج ليس فقط للقضاء على القوة الظاهرة أو ما اصطلح على تسميته " بالمقاومة الأولى" ، وإنما أيضا للتوغل في عمق الإسلام لضرب القوة الباطنة، هذه القوة الكامنة في الدين رغم الهزيمة السياسية العسكرية، والانهيار الحضاري، وجمود الحركة في المجتمع. وبما أن وجود الجماعة المسلمة ملتحم بالشرع، فـإن نفي هذا الأخير وتطويقه وتهميشه وعزله، بات يشكل هما استراتجيا عند الغالبين.ورغم كل محاولات التفسيخ والتفكيك العنفي، فقد استمرت الجماعة كأساس لنسق حضاري، يؤمن تواصل الحاضر بالماضي، عبر مروحة من العلاقات التي ليست من الضروري أن تكون في موقع الغلبة والهجوم لتكتسب شرعيتها التاريخية.

كانـت الحضارة الأوربيـة من خلال مشروعها الاستعماري تحاول تسريب نموذجها المشرع بالعنف في ثنايا المجتمع العربي ـ الإسلامي، مستهدفة إلغاء عراه الداخلية المعاندة لوجه تسربها، فتعمل على استئصالها واحدة تلو الأخرى، وقطع الشرايين التي توحد المجتمع الأهلي، وعزل القنوات المترابطة في المجتمع كمقدمة لإلغاء الإسلام، وإلحاق المجتمع واحتوائه وتغريبه، مما يسهل خلق دولة تابعة منفصلة عن المجتمع ومتناقضة معه، ويساعد على دفع المجتمع في متاهات ثقافية تحول دون وعيه لذاته الحضارية وتحول دون رفضه للآخر؛ أي للغرب الحضاري.

على المستوى التنفيذي باشرت عملية التغريب بتحطيم مفاصل المجتمع الإسلامي المرتكزة على العقيدة والثقافة، ووضعت في رأس مهماتها تبديل العلاقات الاجتماعية وإبعاد الشرع عن أنماط التعليم والتربية. هذه الأمور، إذا ما تحققت، كان من شأنها المساعدة على استقرار النهب الاقتصادي ووضع المجتمع في علاقة تبعية دائمة للمركز الأوربي الغالب.

ومن ناحية العلاقات الاجتماعية، استهدفت سياسة التغريب إحلال نسيج آخر للروابط الاجتماعية بين الأفراد والجماعة، من خلال إدخال المفاهيم الأوربية المتعلقة ببنية العائلة ودور المرأة، وعلاقة الألفة والتضامن في القرية والعائلة والحي، واستبدالها بوحدات أخرى أضعف، وأكثر تسهيلا للتفتيت والسيطرة؛ كالفرد والمدينة. فالمدينة تسعى لتجميع الأفراد بعد أن هجروا وحداتهم الاجتماعية الأصلية، بحثا عن الحياة والمال والسلطة، إثر ضرب العلاقات الزراعية، وتقوم «المدينة» بربط هؤلاء الأفراد المشتتين بمؤسسات جديدة غريبة عنهم لم يعرفوها، مؤسسات تقمعهم وتكبتهم. وفي هذه المدن نمت وسادت الطبقة الوسطى حيث أخـذ اللباس وتعميم الزي الغـربي أهمية خاصة، يبدو الغرب وكأنه " آلة تعمم الشبه بين المجتمعات من دون كابح وتتوسل أداة السيطرة لهذا التعميم". كانت دعوة الغرب التمدينية تقوم عل فرض حضارة مكتملة ومتميزة على مجتمعات مختلفة في سياقها التاريخي ـ الثقافي.

وقد كان المستعمر في المغرب، شأنه في البلدان الإسلامية الأخرى، يحرك آلة التغريب من خلال ثلاث قوى كبرى هي: المدرسة والثقافة والصحافة. وبعد الاستقلال ظلت هذه القوى مرتبطة بالتغريب الذي من أهم مظاهره بالنسبة للتربية والتعليم في المغرب، إدخال برامج غربية ذات أهداف تغريبية"[2].

ج- الاستغراب:

إن آلة التغريب ما كان لها لتتحرك لولا أيدي المستغربين من أبناء جلدتنا. لقد آن الأوان لكي ننظر إلى قضية التربية والتعليم من زاوية الاستغراب، تلك الزاوية التي طالما تحاشيناها أو تعمدنا إغفالها، والتي تكمن أهميتها في كونها تجعل من العامل الداخلي العامل الرئيس في بروز كثير من الظواهر الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، الموسومة بالتبعية والتقليد.

إن الذين رفعوا لواء المحاكاة ومن تبعهم إلى الآن، يشكلون الجبهة الرابعة في الجبهات الأربع التي أنزلت الهزيمة بثقافتنا وبأصالتنا، وأبرزت ظاهرة الاستغراب. وأولى تلك الجبهات تتمثل في المنصرين الذين عملوا على غزونا بواسطة المدارس والمؤسسات التعليمية والخيرية، وشتى الإعانات. ثم جبهة المستشرقين طلائع الاستعمار، وذلك بما يبثونه في كتبهم من سموم تستهدف الأمة الإسلامية وتراثها، بالإضافة إلى خدماتهم الجليلة للمستعمر. وثالثا جبهة المستعمرين المكشوفة خلال الاستعمار، والمتسترة أو غير المباشرة بعد مجيء الاستقلال.

والجبهة الرابعة هي الجبهة الداخلية، جبهة منا وإلينا، عملت من حيث تدري أو لا تدري، على تسهيل مهمة الغزو الاستعماري، بل منها من شارك المستعمر القديم، ويشارك الغزاة المعاصرين في صرفنا عن أصولنا وجذورنا، بل وفي غسل أدمغتنا من كل ماله علاقة بماضينا وتوجيه قبلتنا نحو الغرب.

لقد سعت هذه الجبهة المستغربة، بكل ما أوتيت من وسائل، إلى استيراد الثقافة الغربية، حتى أصبحت هذه الثقافة في ثقافتنا المعاصرة، ظاهرة تدعو للانتباه، وغدا العالم هو الذي له دراية بالتراث الغربي، وأصبح العلم نقلا، والعالم مترجما، والمفكر عارضا لبضاعة الغير.

ثم إن المستغربين من "المثقفين" المغاربة انخدعوا، كغيرهم من المستغربين في الشرق الإسلامي، بأسطورة الحضارة العالمية أو الثقافة الكونية، تلك الاسطورة القائمة على أساس أن العالم وطن واحد، ثقافيا وفكريا وحضاريا، رغم وجود الحدود السياسية والحواجز الجغرافية، وأن الأمم والشعوب والقوميات مجرد درجات ومستويات في البناء الواحد للحضارة المعاصرة. ومن ثم لا حرج من أن نتبنى الثقافة العالمية، ونسلك السبل المؤدية إلي تمثلها، بل من الواجب علينا المبادرة بذلك قبل فوات الأوان. كما أن هذا التطور العالمي للثقافة يروج له في الداخل والخارج بشتى الأساليب والإمكانيات، ويبذل القائمون عليه مجهودات كبيرة لإخفاء دوافع نشره والدعوة إليه، لدرجة أن المستغربين، من شدة انخداعهم،  يرون أن عبور الفكر الغربي لحدوده وسريانه في جسد الأمة الإسلامية، لا ينطوي على أدنى شبهة غزو أو أثر عدواني.

جامعة القرويين وسبل التجديد والمواكبة

1- تأصيل مفهوم الجامعة:

قال الدكتور طه جابر العلواني: "إن كلمة جامعة قد أخذت من لفظ الجمع. وإذا كان الجامع قد سمي جامعا لأنه موضع اجتماع الناس لعبادة الله جل شأنه، فإن كلمة جامعة تدل على مكان يجتمع الناس فيه لخدمة العلم المعرفة: كشفا وإنتاجا وتعلما وتعليما، حيث يرتبط مفهوم العلم بالعبادة، ويتصل مفهوم العلم بالعمل"[3].

يستفاد من هذا الكلام أن العقيدة أمر جوهري في بناء مفهوم الجامعة وكيانها، وما من مجتمع يشق طريقه الحضارية إلا وهو يستحضر ويعي ويمارس عقيدة معينة راسخة تحفز نشاطاته وتحشد طاقاته. كما لا يخفى على أحد أن الجوامع والمساجد هي الفضاءات الأولى التي منها انبثق العلم، حيث كانت تعقد الحلقات العلمية والمجالس الفقهية والأدبية.

إن الغرب رغم علمانيته وتوجهاته المادية الإلحادية، ينطلق من عقيدة فلسفية ثابتة، والتي هي ثمرة قرون من التفكير والبحث والصراع بين العلم واللاهوت الكنيسي.

والقرآن الكريم أعظم خطاب يشتمل على عقيدة نظرية شاملة، قائمة على التوحيد والعبودية لله، والاستخلاف في الأرض، كما تشير من خلال الآيات القرآنية، إلى كل ما يفيد الإنسان ويصلح له في حياته وبعد موته. ومن هنا فإنه يقع على عاتق الجامعات الإسلامية؛ تكوين العلماء بالمفهوم الشامل الذي يربط بين النظر والتطبيق، كما يربط بين السماء والأرض. إذ كل محاولة لبناء الجامعة على أسس حديثة ودون إدماج فعلي لعنصر العقيدة تعتبر محاولة فاشلة، بل فاسدة ومفسدة.

لقد ركز القرآن الكريم على بناء الإنسان، وضبط سلوكه، وأمره بالحركة في الأرض، مستعملا أخلاقيات التقوى والرحمة والعدل والمساواة، وقدم بذلك للبشرية المفهوم الأصيل للحضارة والمدنية.

إن التخلف الفكري الذي يعيشه المجتمع الإسلامي، ناتج أساسا عن غياب نظام عقلي منسجم، وثقافة متماسكة وقناعة فكرية موحدة، وهذا الغياب الخطير نجم عن الانحراف في التصور العقدي لدى المسلم.

وإذا كانت الجامعات والمؤسسات العلمية والتربوية، شبه خالية من حرارة وأثر العنصر العقدي، فكيف نأمل أن تنهض مجتمعاتنا وتتقدم؟

إن الجامعة في الغرب تقوم بدور خطير في عملية بناء وتشكيل ومراجعة فكر الأمة وثقافتها، وحراسة أهدافها الأساسية، وتكوين أجيالها، وتشكيل عقول أبنائها، وتكوين نفسياتهم، بشكل يجعل طاقات الأمة كلها موجهة  باتجاه إنتاج النموذج العقلي والنفسي والإنساني، الذي تبنته الأمة. فالجامعات في الغرب على سبيل المثال هي التي تصنع الفكر وتنتجه، وهي التي تقوم بعملية تحليله ونقده واختباره، وهي التي تقوم بعملية غربلة كل ما يطرح وفقا للمناهج العلمية والبحثية التي تبنتها، وهي التي تنزل الأفكار التي تثبت صلاحيتها وانسجامها مع المنهج، واتفاقها مع النموذج المطلوب إلى الواقع، لتتحول على القنوات التربوية والثقافية والتعليمية المختلفة، لتصبح بعد ذلك جزءا من مكونات عقلية الأمة ونفسيتها. وفي الوقت ذاته هي التي تقوم بإعدام وإتلاف الأفكار التافهة، والمميتة أو القاتلة، أو الضارة بحركة الأمة، والحيلولة بينها وبين أن تتسرب إلى عقلية الأمة أو نفسيتها[4].

إنه لمن الخطأ الفادح الاعتقاد أن العقيدة الإسلامية ستبقى حاضرة ما دامت تدرس في أقسام الدراسات الإسلامية وكليات أصول الدين والشريعة....بل لو تصورنا تدريسها في كل الكليات (الطب، والهندسة والقانون.... الخ). لن يكون ذلك مجديا ما لم تهو إليها القلوب، ويظهر أثرها في السلوك وفي رسم الأهداف القريبة والبعيدة، والمثل العليا. إن كل طالب بل كل فرد مسلم، يجب أن يكون لديه  علم حيوي بعلوم الشريعة، وشعور وجداني عميق وصادق بعقيدته الإسلامية، مع تمثلها وممارستها، فذلك هو المنهاج المعياري أو منهج الوجود الإسلامي.

ب- تجديد المناهج وتدريس العلوم الطبيعية:

لازالت جامعاتنا الإسلامية متمسكة إلى يوم الناس هذا بالمناهج التقليدية في التدريس والتعليم، تلك المناهج التي تعكس واقعا ثقافيا وحضاريا لا وجود في حياتنا، بل لفظ أنفاسه الأخيرة قبل مجيء الاستعمار ببضعة قرون من الركود والجمود، وقد أشار العلامة الفقيه عبد الرحمن ابن خلدون في كتابه "المقدمه" إلى أن الحركة العلمية والثقافية في زمانه، عصر الدولة المرينية، بدأت تعرف نوعا من الفتور بعد توهج علمي وإبداعي دام قرونا طويلة. ولقد هيمن التقليد والجمود،  في القرون الأخيرة، على الشروح والتعليقات، وتعطلت ملكة الاجتهاد والإبداع، وضعف التجديد، وانصب اهتمام العلماء والفقهاء على الجزيئات الفرعية على حساب الكليات الجوهرية.

إن التطور العلمي والمنهجي والتقدم التكنولوجي والاقتصادي في الدول الغربية، خلال القرنين الأخيرين، وما نتج عن ذلك من انتشار السيادة الغربية في العالم، من خلال الاستعمار السياسي، ثم الاستعمار الاقتصادي، فالغزو الفكري والعولمة، كل هذه العوامل وغيرها، تشكل ضغوطات وتحديات بالنسبة للعالم الإسلامي.

ومادام أن سلاح الفكر والعلم هو أقوى سلاح لمواجهة المشاكل والتحديات، بات التفكير في امتلاكه من أوجب الواجبات. بيد أن هذا لا يتم إلا عبر أعمال وخطوات إصلاحية جبارة وتغييرات عميقة في بنية التربية والتعليم، تشمل المناهج والطرق والتقنيات، وكذا المضامين والأهداف والمثل، ويضع استراتيجية للبحث في العلوم الإسلامية وربطها بقضايا البحث العلمي المعاصر.

ومن ناحية أخرى ينبغي تجريد المناهج الدراسية من القضايا الخلافية المرتبطة بعلم الكلام والمجادلات العميقة، واعتماد الموضوعات الفكرية التي تعمق قدرات الباحث وتمكنه من حسن الفهم والتبصر، وكذا تشجيع البحوث العلمية الأصيلة، واختيار الموضوعات الجديرة بالدراسة والاهتمام.

ثم إن المنهج الإسلامي يقوم على المنهجية المعرفية القرآنية المؤسسة على الجمع والتكامل بين الوحي والعقل، أو ما يسمى بدرء التعارض بين النقل الصحيح والعقل الصريح، أو التكامل بين كتاب الوحي وكتاب الكون. كما أن الوحي يحض على إعمال العقل في كتاب الكون وكتاب الوحي لإدراك "فقه الوجود".

ويتميز الإسلام، دينا وشريعة، بمنهجية فريدة؛ هي منهجية "فقه التنزيل على الواقع"، أو تنزيل النص على الواقع، و"فقه الأولويات"، والموازنات والمصالح، أو ما يندرج تحت؛ "الفقه الأكبر" أو "الفقه الحضاري".

وبالنسبة للبحث العلمي، فإن جامعة القرويين ينبغي أن توفق وتوازن بين التدريس والبحث العلمي. والبحث العلمي لا تختص به الكليات العلمية وحدها بدعوى امتلاكها للمختبرات التجريبية، والوسائل التقنية، ذلك أن البحوث العلمية الدقيقة ينبغي أن تشمل أيضا مجال العلوم الإنسانية والشرعية، لارتباطها بالدين والثقافة من جهة، ولارتباطها بالحياة الاجتماعية من جهة أخرى.

ومن هنا ينبغي تدريب الباحثين على استنباط الأحكام الشرعية المناسبة لمستجدات العصر، ولمواكبة التطور والحياة. وكذلك العمل على خلق عقلية علمية فعالة، تباشر القضايا الاجتماعية والفكرية، وتعرض وجهة نظر الإسلام تجاهها.

ومن أبرز الأمور التي ينبغي لنظام التعليم والتربية أن يعكسها، إضافة ما تقدم، محددات المنهجية التي يمكن للأمة بمراعاتها أن تحافظ على مثلها الأعلى أو الغاية المحورية لديها، وعلى المقاصد والقيم الضابطة من حولها وأهمها التي سميناها "بالقيم الحاكمة" وهي:

1- التوحيد باعتباره المحور الأساسي الذي يعكس المثل الأعلى على نظم الحياة.

2- العمران وهو الذي به يتحدد إطار حركة الإنسان في الكون والحياة وتوزن أعماله بموازينه لينأى عن العبثية والعدمية.

3- التزكية وهي ثمرة إدراك حقيقة التوحيد وانعكاسه على حياة الإنسان الموحد.

4- حاكمية الكتاب الكريم واعتباره المصدر المنشئ للعقيدة والتصور، والضابط لمنظومة الأفكار والحاكم لنظم الحياة. والمشتمل على الشرعة والمنهاج.

5- ختم النبوة ودلالته المعرفية، وأبرزها مسؤولية الأمة في الاجتهاد والتجديد، حيث لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، بل الأمة مسؤولة بوصفها أمة عن القيام بالدور الذي كان عليه الصلاة والسلام يقوم به، من تعلم الكتاب وتلاوته، وتعلم الحكمة وتزكية الناس، وتطهيرهم وتوجيههم نحو المثل الأعلى والمقاصد الأساسية.

6- شرعية التخفيف والرحمة ووضع الإصر والأغلال عن البشرية، فنظمنا التعليمية ينبغي أن تضطلع بمسؤولية تامة عن هذه القضايا المنهجية وحسن توصيلها والتربية عليها.

7- الشهادة على الناس التي تفرض على هذه الأمة أن تكون باستمرار في حالة حضور مسؤول. فالشهود تعبير عن ذلك لا عن ذات الأمة وأهدافها وغايتها وحدها، بل عن تراث البشرية كلها.

8- حراسة القيم والتي عبر القرآن عنها بقوله: (كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) [العمران: 110]؛ فهناك ارتباط وثيق بين حراسة القيم والشهود الحضاري لهذه الأمة في كل عصر بحسبه، وبالتالي فإن نظام التعليم والتربية يكون مسؤولا مسؤولية مباشرة عن غرس هذه القضايا في عقول وقلوب ووعي أبناء الأمة، لتتمكن الأمة من القيام بوظائفها وتحقيق غايتها أو أهدافها، ومقاصد الشريعة المنوطة بها، وبناء الأمة الوسط القطب، باعتبارها الوعاء الحامل لهذه الوظائف لتتحقق بعد ذلك مهامها العقيدية والعمرانية الاستخلافية أو ما نعبر عنه بالوظيفة العمرانية"[5].

وغني عند البيان أن التعليم في القرويين لم يكن فيما مضى مقتصرا على العلوم الشرعية، بل كان يشمل أيضا علوم الطبيعة. ولقد تمكنت القرويين بفضل مناهجها التي تجمع بين الدين والدنيا، من نشر إشعاعها العلمي في ربوع المغرب العربي والأندلس ومختلف البلاد الإفريقية والأوربية، على يد كثير من العلماء.

وكانت مناهج الدراسة تشمل إلى جانب العلوم الشرعية والنحوية، علوم التوقيت، والفلك والطب والفيزياء، والكيمياء والهندسة والتاريخ والجغرافيا، فازدهر الطب المغربي في عهد الموحدين ازدهار كبيرا.

وبرز الأطباء المغاربة في الجراحات والتمريض وأقيمت الصيدليات والمستشفيات، وانتشرت المراصد الفلكية في مراكش وفاس.

إن جامعة القرويين مطالبة لكي تستفيد من تجربة جامعة الأزهر الشريف تلك الجامعة التي تعيش الآن في ظل القانون رقم 103 لسنة 1961 الذي بمقتضاه تعددت كليات الأزهر لتشتمل الكليات العلمية والمعلمية، في مقابل الكليات الأصيلة التي كانت قبل هذا القانون والتي كانت مقصورة على: كلية أصول الدين وكلية الشريعة وكلية اللغة العربية. إن جامعة الأزهر تضم في رحابها كليات الطب والهندسة والصيدلية والاقتصاد والتجارة وكلية العلوم التجريبية من فيزياء وكيمياء....ولذا فإن هذه الجامعة تعتبر اليوم قبلة لآلاف الطلبة الأسيويين والأفارقة، نظرا لما تقدمه لهم من تخصصات دينية ودنيوية، فلماذا لا تنهج القرويين نهجها، وتنسج على منوالها، وماضيها خير شاهد على ضلوعها وتفوقها في مختلف العلوم والمعارف؟

ج-الاندماج والانفتاح على المحيط الاجتماعي:

إن واقع جامعة القرويين يوحي بأنها تعيش في عزلة تامة عن محيطها الاجتماعي والثقافي، وبديهي أن هذه العزلة التي ينبغي كسرها، حصلت تدريجيا في عصر الانحطاط والجمود الذي سبق مرحلة الاستعمار. ولما غزا المستعمر بلادنا واستهدف رموزها ومقدساتها، كانت جامعة القرويين على رأس الرموز والمعالم الدينية والثقافية المستهدفة، فشرع، بما أوتي من مكر ودهاء، يعمل على محاصرتها، وإطفاء ما تبقى من جذوة نارها بعد رميها بالرجعية والتخلف، كما عزم، في محاولة ما كرة وخبيثة على النيل لغتها وهيبتها، عبر إقامة المدارس الفرنسية التي احتضنت كثيرا من أبناء البرجوازيين والنخب المغربية، وكذا عبر إصدار الظهير البربري، في محاولة منه لتقسيم المغاربة إلى بربر وعرب، وبث روح الصراع بينهما. كما جند المستعمر كثيرا من المستشرقين المتخصصين في اللهجات المغربية، ودفعم إلى العمل على الإعلاء من شأن الدارجة المغربية وتشجيعها، كي تحل محل اللغة العربية التي أصبحت، في زعمه، عقيمة ولا تستطيع مسايرة العصر.

وقد بدأ الاهتمام بهذه الدراسات في المغرب منذ بداية القرن الاستعمار، حيث تعززت على يد وليم مارسيه 1872-1956م، الذي تحول من دراسة القانون إلى دراسات العربية العامية، خاصة فيما يتعلق باللهجات المغربية والجزائرية والتونسية، غير أنه لم يهمل اللغة العربية الفصحى التي قدم فيها محاضرات قيمة "بالكوليج دي فرانس". كان كتابه الرئيسي حول اللغة العامية ما أطلق عليه  "نصوص تكرونة العربية" الذي نشره في باريس عام 1925م، وظهر بعد مماته عام 1956م في ثمانية مجلدات. وفي المغرب فإن المستشرق الجدير بالإشارة في هذا المجال بعد مارسيه هو كولان.

لقد شعر الفرنسيون بخطر اللغة العربية في كل من الجزائر وتونس والمغرب، وأحسوا بثقلها وصولتها فقاوموها أيما مقاومة، وأبعدوها أثناء حكمهم عن مؤسسات التعليم الحديثة، وأحلوا لغتهم محلها وشجعوا العامية والبربرية. ثم أصدروا قوانينهم المتعلقة بالسياسة البربرية التي استهدفت تقسيم الشعب المغربي إلى كتلتين متعارضتين في اللغة والثقافة، كما أنهم استعانوا للوصول إلى أهدافهم، بالمستشرقين حين نصبوا منهم رسلا ليذيعوا بين الناس، من خلال برامج التعليم والأبحاث والصحافة، قصور الفصحى وعجزهم عن مواكبة العلوم والفنون الحديثة، وأن الأولى للمغاربة أن يتخذوا الفرنسية لغة لهم، وأن ينهضوا باللغة العامية باعتبارها لغة جمهور الشعب. وتلك كانت دعوة كثير من المستشرقين أمثال ماسنيون وكولان وغيرهما، تلك الدعوة التي تلقفها من بعدهم تلامذتهم في المغرب العربي، أمثال د. عبد الله العروي ومن سواه من المقلدة.

ولما جاء الاستقلال، تم الإجهاز على هذا الصرح العلمي المتين على يد أبنائه الذين رضعوا ألبان الثقافة الفرنسية، وتتلمذوا لأساتذتها، فحصل عندهم نفور من روح التراث والثقافة المغربية، فولوا وجوههم شطر فرنسا، وجعلوها قبلتهم في كل شيء، وهكذا أسسوا المدارس والمعاهد والجامعات، على غرار نماذجها  الفرنسية، وهمشوا بذلك جامعة القرويين، بل فرضوا عليها العزلة والانسحاب من المجتمع.

ولكي يتحقق اندماج القرويين في سيرورة العصر وروحه، ويتحقق انفتاحها الايجابي البناء على محيطها الاجتماعي، لا بد من توفر بعض الشروط والخطوات، من بينها:

أ- جعل مؤسسة القرويين جامعة المجتمع والحياة، أي تجمع بين علوم الدين وعلوم الدنيا، حيث كانت فيما قبل تحتضن سائر فروع المعرفة بما في ذلك الطب والهندسة والفلك والرياضيات، ذلك أن التعامل مع القرويين كجامعة متكاملة الهياكل والتخصصات في شأنه أن يساعد على إعادة إشعاعها العلمي والفكري، وانخراطها في النسيج الاجتماعي، ولها في جامعة الأزهر خير أسوة وقدوة.

ب_ توظيف تكنولوجيا الإعلام والاتصال والمعلوميات المتطورة الحديثة، واستغلالها استغلالا عقلانيا.

ج- انفتاح الجامعة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي، والتفكير في مشكلات المجتمع، والمساهمة في تقديم الوسائل والطرق لحلها. وكذا الاهتمام المشاكل النفسية والعقدية، والوقوف في وجه حملات التنصير، والفلسفات والإيديولوجيات المنحرفة التي تسيء إلى هوية المغاربة ومقوماتهم الدينية والثقافية.

د- الانفتاح على الثقافات الأجنبية، واحتضان الجوانب الإيجابية فيها، والتي لا تتعارض مع ديننا وثقافتنا، وأن ننظر إليها بعيون الأصالة.

هـ- العمل على تأسيس آليات الحوار بين العالم الإسلامي والغرب، لإيجاد فهم صحيح للحضارتين الإسلامية والغربية، وتهييئ أرضية للحوار المفتوح على كافة القضايا، لاسيما التي تتعلق بالشريعة الإسلامية، للعمل على تعريف الغربيين بها، بطريقة علمية رزينة. وموضوع الحوار هذا مسؤولية في عنق القرويين كجامعة ممثلة للعلم والعلماء، وإلا فما معنى قوله تعالى: (وكذلك  جعلناكم  أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليهم شهيدا) (سورة البقرة آية 142).

وإذا كان الغرب يعاني أزمات نفسية واجتماعية وروحية، لم يفلح في وضع علاج لها نظرا لغطرسته وتكبره وانحرافه العقدي، وميولاته المادية، كما أنه يعادي، عن طريق العولمة والهيمنة السياسية، كل الثقافات والكيانات التي رفضت الخضوع له، لزم على المسلمين، من خلال مؤسساتهم العلمية كالأزهر والقرويين والزيتونة وغيرها، القيام بنسج حوار ذكي وبناء، يهدف إلى مساعدة الغربيين للتخلص من أزماتهم الاجتماعية والنفسية، وإزالة الغشاوة عن عيونهم وقلوبهم، تلك الغشاوة التي جعلتهم يعادون الثقافة الإسلامية، وغيرها من الثقافات التي امتنعت عن الذوبان والانصهار في بوتقة العولمة.

نعم إن العلماء والمفكرين المسلمين، مؤهلون للقيام بهذه المهمة الحضارية، إذا هم أخلصوا النية، وعقدوا العزم، وبذلوا جهدهم العقلي في استنباط سبل وآليات الحوار البناء من الوحي القرآني، ومن السنة النبوية الكريمة، ومما يزخر به التراث الإسلامي في هذا المجال.

لاشك أن جامعة القرويين، ومثيلاتها من الجامعات الإسلامية، تملك الرصيد الروحي والثقافي، والأرضية الصلبة للقيام بهذه الوظيفة التواصلية. وإذا كان كثير من علمائنا القدامى، أمثال أبو علي السيرافي، والعلامة الباقلاني، وابن حزم الأندلسي، وغيرهم من العلماء والمفكرين، قد ناظروا المفكرين النصارى في الفكر والعقيدة، فإن كثيرا من علمائنا المعاصرين يملكون قدرات علمية ترشحهم لخوض عملية الحوار والمناظرة مع الغربيين، لاسيما إذا تبنت الحكومات الإسلامية هذا المشروع، وهيأت له المناخ المؤسساتي.

و- الاستفادة من جامعة الأزهر، وفضائها العلمي والمعرفي المتنوع.

ز- العمل على تأسيس بعض الكليات العلمية التابعة لجامعة القرويين.

ح- إنشاء أقسام تابعة لجامعة القرويين في مختلف الكليات العلمية والأدبية والقانونية، بهدف تمتين الروابط، ومد الجسور بين علوم الدين وباقي العلوم.

كما أقترح العمل على إحداث معاهد ومراكز علمية مرتبطة بجامعة القرويين، تعزز مكانتها، وتجعلها أكثر اندماجا وفعالية، وتواصلا مع المحيط الاجتماعي، ومع الفضاء الثقافي والحضاري في العالم أجمع. وهي كما يلي:

1-              مركز الأبحاث والدراسات في التراث الإسلامي.

2-              مركز فقه النفس والصحة النفسية.

3-              مركز فقه الاجتماع وأحوال المجتمع.

4-              مركز مختص في العلاقات والروابط بين جامعة القرويين ومعاهد التعليم العتيق.

5-              مركز الدراسات والأبحاث في التربية والتعليم.

6-              مركز الأبحاث والدراسات في العقيدة والهوية الحضارية.

7-              مركز الأبحاث والدراسات في التنصير والاستشراق.

8-              مركز الأبحاث في الغزو الفكري والتغريب والاستغراب.

9-              مركز الأبحاث والدراسات في موضوع الشباب.

10-          مركز الأبحاث والدراسات حول المرأة والأسرة.

11-          مركز الأبحاث في مسألة الهجرة العمالية في الخارج.

12-          معهد الدعوة الإسلامية.

13-          مركز العلاقات بين القرويين والجامعات الإسلامية المماثلة.

14-          مركز مختص في العلاقات بين القرنيين والجامعات والمراكز والمنظمات الإسلامية في بلدان أوربا.

15-          مركز الأبحاث والدراسات في الإعجاز العلمي في القرآن.

16-          مركز الأبحاث والدراسات في الاقتصاد الإسلامي.

17-          معهد تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.

18-          معهد متخصص في تعليم الدين الإسلامي لغير المسلمين.

19-          مركز البحث في سبل التواصل بين الإسلام والغرب.

20-          مركز الأبحاث والدراسات في واقع وقضايا الأمة الإسلامية.



خاتمة:

إن الإصلاح المنشود لجامعة القرويين هو الإصلاح الذي يعيد لهذه المعلمة الثقافية مكانتها الأولى، فتسترجع هيبتها وتأثيرها في البلاد والعباد، ويشع علمها ونورها في كافة الأنحاء والأرجاء، مما يحقق آمالنا في الصحوة الإسلامية والتقدم والازدهار.

إننا نريد لجامعة القرويين أن تكون الجامعة الأم التي ترنو إليها الأنظار، كما نريدها جامعة تحمل هم التعريف بالإسلام الصحيح، وتتصدر بكل شجاعة لخصوم الثقافة الإسلامية وتحمل لواء الأصالة والتجديد في وقت واحد، كما تعزز لغة القرآن، في كل بيت ومدرسة، وتحمي الشخصية المغربية المسلمة في ثقافتها وقيمها وسلوكها. ولن يتحقق لها ذلك إلا بكسر أطواق العزلة، واقتحام عالم الواقع والمحيط الاجتماعي بكل عزم وثقة، وأن تشعر المجتمع بوجودها واستعدادها لمواكبة المتغيرات الثقافية والاجتماعية.

لقد آن لجامعة القرويين أن تنطلق من عقالها، وتتبوأ مكانتها الريادية الأولى، وتعمل على صنع مستقبلها المشرق بتفاعلها مع المجتمع ومع مستجدات العصر.

إن جامعة القرويين كانت بمثابة القلب الذي يضخ الدم إلى الأطراف عبر الشرايين. وإن المرض الذي تعانيه اليوم تلك الأطراف المتمثلة في المدارس والجامعات العصرية ومختلف المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، سببه انقطاع الدم المتدفق من القلب، ذلك القلب الذي أصيب بالداء العضال. فلا أمل في شفاء الأطراف ما لم يشف القلب.

































ملحقات



التعليم الإسلامي في جامعة الأزهر

في ظل التحولات الحديثة

د. طه مصطفى أو بكريشة

نائب رئيس جامعة الأزهر

أولا: تعيش جامعة الأزهر الآن في ظل القانون رقم 103 لسنة 1961 الذي بمقتضاه تعددت كليات جامعة الأزهر لتشمل تلك الكليات التي نطلق عليها اسم الكليات العلمية والمعلمية في مقابل الكليات الأصلية التي كانت قبل هذا القانون والتي كانت مقصورة على كليات ثلاث: هي كلية أصول الدين وكلية الشريعة وكلية اللغة العربية.

أما لماذا أنشئت وأضيفت الكليات العلمية المعلمية إلى جامعة الأزهر فإن هذا القانون يجب عن ذلك في مذكرته الإيضاحية  بما يلي:

1- لقد قام الأزهر بدور عظيم في تاريخ العلم وفي تاريخ الإسلام وفي تاريخ العروبة، وفي تاريخ الكفاح القومي على توالي العصور، ووقف قلعة شامخة في وجه كل المحاولات لاستعبادنا وتحطيم كياننا الروحي.

2- من علم الأزهر شع نور الإسلام في بلاد كثيرة من إفريقيا ومن آسيا وزاد عدد المسلمين عشرات الملايين، وكانت بعوث الأمم المختلفة إلى الأزهر سببا لتوثيق علاقتنا ببلاد كثيرة وشعوب كثيرة منذ أقدم العصور إلى اليوم، وقد اكتسب اسم الأزهر بذلك قدسية واكتسب المنتسبون إليه احتراما. وصار هو الجامعة الإسلامية الكبرى في الشرق والغرب التي تتجه إليها قلوب المسلمين، ويفيد إليها أولادهم للزود من أسباب المعرفة.

3- إن التزام الأزهر الوقوف قرونا طويلة في وجه كل محاولات العدوان ألزمه نوعا من المحافظة لعلها كانت بعض خصائصها الموقف الدفاعي الذي التزمه خلال تلك القرون، فلما نشطت الحياة من حوله لم يجد الوسيلة الملائمة التي تعينه على الحركة المتحدة التي تلائم بينه وبين عصره مع احتفاظه بخصائصه وقيامه بواجبه للمحافظة على تراث الإسلام، بحيث أصبح خريجوه لا يكادون يتصلون بعلوم  الدنيا اتصال النفع والانتفاع، والإسلام حقيقته الأصيلة لا يفرق بين علم الدين وعلم الدنيا، لأنه دين اجتماعي ينظم سلوك الناس في الحياة ليحيوا حياتهم في حب الله عاملين مؤثرين في المجتمع في ظل طاعة الله، ولأن الإسلام يفرض على كل مسلم أن يأخذ بنصيبه من الدين والدنيا، فكل مسلم يجب أن يكون رجل دين ورجل دنيا في وقت واحد.

4- إن العالم الإسلامي اليوم قد انفسح مداه واتسع نطاقه وأطل على آفاق أفكار جديدة، وفي نفوس أهله آمال ضخمة لاستكمال أسباب تحرره ونهضته والارتفاع بمستوى معيشتهن وكانت الثقافات الاستعمارية تحاول، طول السنين التي سيطر فيها الاستعمار على العالم الإسلامي، أن تلون أفكار أهله وعقائدهم، وأن تضع في نفوسهم موازين تباعد بينهم وبين الإسلام لعل من أبرزها أن الإسلام عبادة و قربى إلى الله فحسب، وأن العمل للحياة شيء آخر يختلف عن الدين أو يتعارض مع الدين.

5- نفي كثير من البلاد التي تخلصت من الاستعمار رغبة في التخطيط للبناء والعمل والإنتاج في مجالات الصناعة والتجارة والتعدين والصحة وهي حين تلتمس الخبراء في كل نوع من أنواع هذا النشاط لا تكاد تجد إلا أجانب عن بيئتها ودينها من المواطنين أو غير المواطنين، وحين تلتمس من المواطنين خبراء يملكون مع الخبرة معارف دينية صحيحة وعقيدة واعية لا تكاد تعرف  أين توفدهم ليتعلموا ويستفيدوا الخبرة والمعرفة والعقيدة.

6- إذا كان الأزهر وحده هو المعهد أو الجامعة الذي يحرص المسلمون وراء الحدود على أن يعد فيه أبناؤهم لهذه المسؤوليات، فإنه من الطبيعي أن يكون نظام الأزهر وعلوم الأزهر بحيث تعد هؤلاء الخبراء مستكملين لكل العناصر  التي تهيئهم لحمل أعباء النهضة في بلادهم، لكن الأزهر بوضعه القديم لم يكن مهيئا لتأهيل العالم الديني المتخصص في عمل من أعمال الخبرة والإنتاج التي تحتاج إليها نهضة المسلمين في كل البلاد.

7- لذا كان من حسن الحظ أن يجمع كل أهل الخبرة في كل البلاد الإسلامية على رأي واحد في هذه المشكلة هو أن يعرف عالم الدين علوما أخرى يعيش بها ويشارك بها في النهضة ليرتفع مقام الدين على أن يكون حرفة أو أن يكون سببا للتعطيل والضياع في المجتمع، وسبيل ذلك أن تتطور معاهد الدراسات الإسلامية العالية بحيث نتواجه احتياجات النهضة، فلا تقتصر على الدراسات الدينية، بل يجب أن تجمع إليها علوما أخرى تتحقق بها لكل خريج الخبرة والمعرفة وسلامة العقيدة، ليعود هؤلاء الخريجون إلى مراكز القيادة نفي كل مجال من مجالات النشاط في العالم الإسلامي المتحرر.

8- من أجل ذلك جميعا كان لا بد من تجديد الأزهر وتطويره والاعتراف بمكانته وأثره مع الاحتفاظ بطابعه وخصائصه وصفته التي استحق بها أن يبقى مسيطرا على تاريخنا وعلى العلاقات الوثيقة بيننا وبين إخوان لنا في شرق الأرض وغربها منذ أكثر من ألف سنة.

9- من هنا كان لا بد من تقرير مبادئ لتكون أساسا لمشروع الإصلاح في الأزهر وهذه المبادئ هي:

أ- أن يبقى الأزهر وأن يدعم ليظل أكبر جامعة إسلامية وأقدم في الشرق والغرب.

ب- أن يظل كما كان حصنا للدين والعروبة.

ج- أن يخرج علماء حصلوا ما يمكن تحصيله من علوم الدين وتهيئوا بكل ما يمكن من أسباب العلم والخبرة للعمل والإنتاج في كل مجال من مجالات العمل والإنتاج.

10- في ظل هذه المبادئ وضع مشروع جامعة الأزهر على أساس أن تختص بكل ما يتعلق بالتعليم العالي في الأزهر وبالبحوث التي تتصل بهذا التعليم أو تترتب عليه، كما تهتم ببعث التراث العلمي والفكري والروحي للشعوب الإسلامية والعربية، وتعمل على تزويد العالم الإسلامي والوطني العربي العاملين الذين يجمعون إلى التفقه في العقيدة والشريعة ولغة القرآن، كفاية علمية ومهنية تؤهلهم للمشاركة في كل أنواع النشاط والإنتاج والريادة والقدوة الطبية والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة كما تعنى بتوثيق الثقافة العلمية مع الجامعات والهيئات العلمية الإسلامية والعربية والأجنبية.

11- وإذا كانت جامعة الأزهر هي جامعة المسلمين في كل بلد منذ كانت فقد نصت المادة الثامنة والثلاثون من هذا القانون على أن تتساوى فرص القبول في كلياتها والأقسام الملحقة بها لطلاب المسلمين من كل بلد.

ورعاية للصفة الخاصة لجامعة الأزهر فقد رأى أولو الأمر أن تستقل عن الجامعات الأخرى مع الحرص على التنسيق بينها وبين تلك الجامعات بقدر ما تقتضي الصفة الخاصة بالأزهر وأغراض الدارسة فيه.

ثانيا: الكليات وأعداد الطلاب من المصرين والوافدين في نهاية العام الحالي 96/1997.

في ظل النظام الجديد وتحقيقا لهذه الأهداف التي هدف إليها القانون بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها فإنه أصبح في ساحة جامعة الأزهر الآن الكليات الدينية والعملية في داخل جمهورية مصر العربية على النحو التالي:

أ- كليات البنين:

عدد:

7- كليات لأصول الدين والدعوة الإسلامية تضم 24700 طالب مصري + 2850 وافدا.

5- كليات للشريعة والقانون للبنين تضم 20000 طالب مصري + 3300 وافدا.

7- كليات للغة العربية للبنين وتضم 18500 طالب مصري + 800 وافدا.

5- كليات للدراسات الإسلامية والعربية للبنين وتضم 10500 طالب مصري + 600 وافدا.

1- كلية القرآن الكريم والقراءت وعلومها وتضم 200 طالب مصري + 15 وافدا.

2- كليتان للتربية للبنين وتضم 11100 طالب مصري + 130 وافدا.

1- كلية للغات والترجمة للبنين وتضم 2400 + 130 وافدا.

1- كلية للتجارة وإدارة الأعمال للبنين وتضم 8300 طالب مصري + 70 وافدا.

2- كليتان للطب البشري للبنين وتضم 3400 طالب مصري + 30 وافدا.

1- كلية لطب الأسنان للبنين وتضم 400 طالب مصري + 15 وافدا.

2- كليتان للصيدلة للبنين وتضم 2100 طالب مصري + 5 وافدين.

2- كليتان للعلوم للبنين وتضم 3100 طالب مصري + 30 وافدا.

2- كليتان للزراعة للبنين وتضم 3500 طالب مصري + 30 وافدا.

1- كلية الهندسة للبنين وتضم 2500 طالب مصري + 20 وافدا.

ب- كليات للبنات:

عدد:

7- كليات للدراسات الإسلامية والعربية وتضم 30000 طالبة مصرية + 2500 وافدة.

1- كلية للدراسات الإسلامية وتضم 7200 طالبة مصرية + 50 وافدة.

2- كليتان للتجارة وإدارة الأعمال وتضم 3500 طالبة مصرية + 40 وافدة.

1- كلية للطب البشري والأسنان وتضم 1200 طالبة مصرية + 10 وافدات.

1- كلية للصيدلة وتضم 800 طالبة مصرية.

1- كلية للعلوم وتضم 2100 طالبة مصرية + 15 وافدة.

1- كلية للاقتصاد المنزلي وتضم 700 طالبة مصرية.

ثالثا: من حيث المناهج:

أ- في الكليات الدينية تجمع المناهج بين العلوم الدينية واللغوية والعلوم الحديثة وفي مقدمتها اللغات الأجنبية.

ب- في الكليات العملية تجمع المناهج بين العلوم المتخصصة في المجال العلمي ويضاف إليها منهج من المواد الإسلامية في جميع الفرق الدراسية مثل الفقه الإسلامي والعقدية والأخلاق والتفسير والحديث والتاريخ الإسلامي بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم.

ج- تضم كلية اللغات والترجمة للبنين 11 قسما علميا لأغلب لغات العالم ومن هذه الأقسام قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية وقسم الدراسات الإسلامية باللغة الفرنسية وقسم الدراسات الإسلامية باللغة الألمانية – وهذه الأقسام تدرس المواد الإسلامية التخصصية بهذه اللغات لتكوين دعاه يجيدون الدعوة إلى الإسلام في هذا المجال في البلاد التي تتحدث بهذه اللغات وكذلك لكي يستطيعوا الرد على كل ما يقال ويكتب عن الإسلام.

كما تضم كلية الدراسات الإنسانية للبنات أقساما علمية للغات الأجنبية على غرار الأقسام الموجودة في البنين وتبلغ جملة الدارسين بهذه اللغات 4700 طالب وطالبة.

ومرفق مع هذا صورة من الخطة الدراسية في أقسام الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية (نموذج على سبيل المثال).

د- تضم كلية اللغة العربية بالقاهرة شعبة للصحافة والإعلام وقد أنشئت هذه الشعبة منذ خمسة وعشرين عاما وقد روعي في مناهج الدارسة في هذه الشعبة أن تجمع بين خصائص ثلاث: هي الدراسات الإسلامية المميزة لجامعة الأزهر ثم الدراسات الإعلامية العامة الموجودة في جميع الكليات الإعلامية – ثم الدراسات التي تتناول الإعلام الإسلامي بصفة خاصة، وهو أمر لا يوجد له نظير خارج جامعة الأزهر من الجامعات المصرية، وقد زودت هذه الشعبة بالأجهزة العلمية الحديثة التي تمكنها من معايشة وسائل الإعلام في صورتها المعاصرة، وكذلك الأمر حتى يكون خريجوها قادرين على الانتشار الفعال في المؤسسات العلمية، وبالفعل فقد أصبح لهم حضور مشهود في هذه المؤسسات.

رابعا: من أوجه النشاط الجامعي المواكب للعصر خارج النظام الدراسي

إن نشاط الجامعة ليس مقصورا على قاعات الدرس فحسب وإنما امتد هذا النشاط خارجها فيما يعرف بالوحدات ذات الطابع الخاص، وقد أنشئت في أغلب الكليات العملية وفي بعض الكليات النظرية، والهدف من إنشاء هذه الوحدات القيام بالبحوث العلمية الحديثة بصورة أكبر استقلالا وأكثر عمقا، مع التحرر من القيود التي ترتبط بالمناهج والمقررات المحددة، وقد تنوعت هذه الوحدات في مجالات الطب والصيدلة والزراعة والعلوم، ومن أبرزها في مجال الدراسات النظرية مركز الأبحاث والدراسات التجارية الإسلامية بجامعة الأزهر (مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي) ومن أهداف هذا المركز:

أ- تجلية القواعد والمبادئ التي تحكم المعاملات في الشريعة الإسلامية وأبرزها بسهولة ويسر للباحثين والدارسين ولسائر الأفراد والمتعاملين بهذه القواعد.

1- القيام بالدراسات المقارنة بين أحكام المعاملات في الفقه الإسلامي وأحكام المعاملات في الأنظمة الوضعية المعاصرة.

2- إبراز المفاهيم الإسلامية في الميادين المتعلقة بالاقتصاد والإدارة.

3- تصميم الأجهزة المحاسبية والإدارية والمالية لمختلف الهيئات العامة والخاصة.

4- إمداد الباحثين في البلاد الإسلامية وغيرها بالمعارف والخبرات الإسلامية التي تسهم في حل المشكلات الاقتصادية المعاصرة وفقا للفكر الإسلامي.

5- تكوين قيادات فكرية قادرة على دفع الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الدول الإسلامية والخطط التنمية فيها.

6- إنشاء مركز معلومات في مجالات المعاملات الشرعية المتصلة بالاقتصاد والإدارة.

7- العمل على وضع القواعد المتعلقة بنقل التكنولوجيا المناسبة لتطور وتنمية المجتمعات الإسلامية وفهرسة التراث الإسلامية.

وفي إطار نشاط هذا المركز من واقع تلك الأهداف تم إنشاء قاعدة للبنيات لعمل موسوعة شاملة للسنة النبوية تؤخذ من كتب السنة وأهمها الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم وكتب الرجال وكتب مصطلح الحديث وتم إدخال (17) مصنفا من تلك المصنفات.

كما أقيمت ندوات متعددة حول موضوعات: الزكاة – البنوك – الإدارة في الإسلام- الضرائب والتنمية الاقتصادية في مصر من منظور إسلامي – إقامة سوق إسلامية مشتركة – حق الشعوب في السلم – الاقتصاد الإسلامي في ظل المتغيرات الدولية المعاصرة – مناخ الاستثمار الدولي في مصر من منظور إسلامي – الإعلام الإسلامي بين تحديات الواقع وطموحات المستقبل – التوجيه الإسلامي للعلوم – القوانين الاقتصادية الجديدة من منظور إسلامي – المسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز – صناديق الاستثمار في مصر الواقع والمستقبل – الجوانب الشرعية العامة للشركات العامة في مجال الأوراق المالية.

خامسا:

في إطار اتصال الجامعة بأجهزة الاتصال العالمية تقوم الجامعة حاليا بتنفيذ مشروع الاشتراك في شبكة الانترنت العالمية من خلال برنامج تبثه الجامعة بحيث يكون محتويا على بيان كل ما يتصل بالتراث الإسلامي والرأي الديني في القضايا المعاصرة مع متابعة كل ما ينشر أو إيذاع عن الإسلام والرد على كل محاولة لتشويه صورة الإسلام أو تقديم معلومات خاطئة عن مصادره أو رموزه أو تعاليمه.

وبعد: فهذه صورة موجزة عن النشاط العلمي الذي تقوم به جامعة الأزهر في مواجهة التحولات الحديثة وهي صورة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين علوم الدين وعلوم الدنيا، مع الإفادة من منجزات العلم الحديث في تقديم التعليم الإسلامي بما يناسب العصر.





وبالله التوفيق...

ملحق (1)

الفرقة الأولى:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية (منهج مطور)4
2أصول فقه62فقه (فقه العبادات)6
3تفسير آيات أحكام63حديث أحكام6
4تاريخ تشريع44مصطلح حديث24
5ترجمة من والي اللغة الأجنبية الأولى85اقتصاد إسلامي4
6أصوات ومعمل46نحو اللغة4
7اللغة الأجنبية الثانية47التعبير باللغة الأجنبية الأولى4

الفرقة الثانية:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني


















































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية4
2القراءة والفهم42أحوال شخصية (زواج وطلاق)6
3أصول فقه63حديث أحكام6
4تفسير آيات أحكام64استماع وفهم24
5الفطريات الاقتصادية المعاصرة45مقال باللغة الأجنبية الأولى4
6فقه86اللغة الأجنبية الثانية4
7ترجمة من وإلى العربية8

ملحق (1)

الفرقة الثالثة:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية4
2أصول فقه62أحوال شخصية (ميراث)4
3فقه83تفسير آيات أحكام6
4حديث أحكام64عقيدة4
5ترجمة تحريرية45ترجمة شفوية وتتبعية6
6ترجمة شفوية46قراءة2
7اللغة الأجنبية الثانية47مقال4

الفرقة الرابعة:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية4
2أصول فقه62فقه8
3تفسير63حديث أحكام6
4الاقتصاد الإسلامي والنظريات الاقتصادية المعاصرة44أديان مقارنة

ترجمة فورية
4

4
5ترجمة تحريرية45ترجمة منظورة وتتبعية
6مقال46اللغة الأجنبية الثانية4
7قراءة3

ملحق (1)

الفرقة الأولى:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية (منهج مطور)4
2أصول فقه62تاريخ وتشريع4
3حديث أحكام63نحو اللغة4
4اقتصاد إسلامي44مصطلح حديث2
5ترجمة من وإلى اللغة الأجنبية الأولى85أصوات ومعمل4
6التعبير باللغة الأجنبية الأولى46تفسير آيات أحكام6
7اللغة الأجنبية الثانية47فقه (فقه العبادات)6

الفرقة الثانية:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية (منهج مطور)4
2فقه82أصول فقه6
3تفسير آيات أحكام63حديث أحكام6
4القراءة والفهم44النظريات الاقتصادية المعاصرة4
5أحوال شخصية (زواج طلاق)45ترجمة من وإلى اللغة العربية8
6مقال باللغة الأجنبية الأولى46استماع وفهم4
7اللغة الأجنبية الثانية4

ملحق (1)

الفرقة الثالثة:

الفصل الدراسي الأول                          الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية (منهج مطور)4
2أصول فقه62تفسير آيات أحكام6
3حديث أحكام63أحوال شخصية (ميراث)4
4فقه84ترجمة تحريرية4
5ترجمة شفوية45ترجمة شفوية وتتبعية6
6قراءة26عقيدة4
7مقال47اللغة الأجنبية الثانية4

الفرقة الرابعة:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية4
2تفسير62أصول الفقه6
3الاقتصاد الإسلامي والنظريات الاقتصادية43فقه8
4أديان مقارنة44حديث أحكام6
5ترجمة منظورة وتتبعية65ترجمة فورية4
6ترجمة تحريرية46مقال4
7اللغة الأجنبية الثانية47قراءة2

ملحق (1)

الفرقة الأولى:

الفصل الدراسي الأول                          الفصل الدراسي الثاني











































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية (منهج مطور)4
2ترجمة من الإنجليزية للعربية42اقتصاد إسلامي4
3أصول فقه63حديث أحكام6
4فقه العبادات64أصوات ومعمل4
5نحو اللغة45ترجمة من العربية للإنجليزية4
6اللغة الأجنبية الثانية46تاريخ تشريع4
7التعبير باللغة الأجنبية الأولى47تفسير آيات أحكام6
8مصطلح حديث2

الفرقة الثانية:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية4
2ترجمة من العربية للإنجليزية62فقه8
3أصول فهم63ترجمة من الإنجليزية للعربية4
4قراءة وفهم44استماع وفهم4
5حديث أحكام65تفسير آيات أحكام6
6مقال باللغة الأجنبية الأولى46اللغة الأجنبية الثانية4
7نظريات اقتصادية معاصرة47أحوال شخصية (زواج وطلاق)4

ملحق (1)

الفرقة الثالثة:

الفصل الدراسي الأول                          الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية4
2أصول فقه62حديث أحكام6
3فقه83تفسير آيات أحكام6
4أحوال شخصية (ميراث)44ترجمة تحريرية4
5ترجمة شفوية45عقيدة4
6قراءة26مقال4
7اللغة الأجنبية الثانية47ترجمة شفوية وتتبعية6

الفرقة الرابعة:

الفصل الدراسي الأول                         الفصل الدراسي الثاني



































































مالمادةالساعاتمالمادةالساعات
1قرآن كريم21اللغة العربية4
2ترجمة منظورة وتتبعية62تفسير6
3حديث أحكام63فقه8
4أديان مقارنة44ترجمة فورية4
5الاقتصاد الإسلامي والنظريات الاقتصادية المعاصرة45مقال4
6ترجمة تحريرية46اللغة الثانية4
7أصول فقه67قراءة2

ملحق (2)

المراكز البحثية:

1- المركز الإسلامي لأمراض القلب وجراحاته بكلية الطب بنين.

2- وحدة علاج القصور الكلوي وزرع الكلى بكلية الطب بنين.

3- مركز صالحعبد الله كامل للأبحاث والدراسات التجارية والإسلامية بكلية التجارة بنين.

4- مركز الأزهر لبحوث معوقات الطفولة بكلية الدراسات الإنسانية فرع الجامعة للبنات.

5-  المركز الدولي للدراسات والبحوث السكانية.

6- المركز الإسلامي العالمي للمعلومات والتوثيق.

7- مركز خدمات المجتمع والبيئة.

8- مركز التعريب والترجمة والنشر.

9- مركز دراسة الفيروسات  الطبية.

10-مركز دراسة نوعية الأمراض الجانبية للأدوية

11- مركز الإنتاج المكثف للأغنام.

12- مركز المحاصيل الجديدة بالمناطق الصحراوية.

13- مركز إنتاج جبن أبيض مصري بمواصفات موحدة.

14- مركز إنتاج تحسين وإنتاج الذرة الرفيعة.

15- مشروع تحسين محاصيل الحبوب الرئيسية.

16- مركز الاستشارات الهندسية.

17- مركز تحديد الوحدات المتكافئة لتركيبات المرور المختلفة.

18- مركز تنمية المرأة والمجتمع.

19- مركز جامعة الأزهر لقوافل البيئة.

20- مركز السيرة والسنة.

21- مركز تنمية المجتمع والبيئة.

22- مركز الميكروفيلم بمركز الشيخ صالح عبد الله كامل.

23- مركز دلالات الأورام السرطانية بكلية الصيدلية بنين.

24- وحدة التدريب الفني والمهني (الأسر المنتجة بكلية الدراسات الإنسانية).

25- المركز الإقليمي للفطريات.

26- وحدة الأعمال والاستشارات الميكانيكية كلية الهندسة.

27- مركز جامعة الأزهر للدراسات والبحوث الفيورسية.

28- مركز الدراسات والبحوث الإحصائية بكلية العلوم بنين.

29- مركز تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.

30- مركز الآثار والدراسات المعمارية.

31- وحدة أبحاث ودراسات الحشرات الناقلة لأمراض الإنسان والحيوان.

32- مركز المنتجات الزراعية وبحوثها بفرع أسيوط بجامعة الأزهر.

33- مركز تكنولوجيا البلازما.

34- مركز جامعة الأزهر لأبحاث علوم المواد والزجاج.

35- وحدة أبحاث الراغبين في الزواج بمستشفى الزهراء الجامعي.

36- مستشفى الطلبة بجامعة الأزهر.

37- مركز جامعة الأزهر للمناعة وأمراض الحساسية.

38- وحدة بيوتكنولوجيا التخمرات والميكروبيولوجيا التطبيقية.

39- مركز جامعة الأزهر للبحوث واستخدامات الليزر في أمراض الأنف والأذن والحنجرة.

40- مركز جامعة الأزهر لأبحاث الذكورة والتناسل وعلاج العقم العارض.

41- وحدة  مجالات الحياة البرية وحمايتها.

42- وحدة للكشف على الراغبين في الزواج.

43- مركز جامعة الأزهر لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.

44- مركز الدراسات والاستشارات الزراعية بكلية الزراعة.

45- مركز جامعة الأزهر الإسلامي الدولي للوبانيات والنظم الصحية.

46- مركز العلوم لتحديد ومعالجة مخاطر البيئة.


[1] - الدكتور فارق النبهان: "أثر جامعة القرويين في تكوين الشخصية المغربية"، مجلة جامعة القرويين العدد 11 1419/1998، ص: 61-62.

2- د. عبد الله الشارف؛ "أثر الاستغراب في التربية والتعليم بالمغرب"، منشورات نادي الكتاب بكلية الآداب بتطوان، مطبعة ألطوبريس، طنجة، 2000، ص: 15-16.

3 - د. طه جابر العلواني: "الجامعات الإسلامية وبناء علوم الأمة"، مجلة جامعة القرويين العدد 11 1419/1998، ص: 239.

4-د. طه جابر العلواني؛ المرجع نفسه، ص: 232.

5-د. طه جابر العلواني، المرجع نفسه، ص: 247-248.

إرسال تعليق

0 تعليقات