التخويف النفسي عند الحارث المحاسبي

التخويف النفسي عند الحارث المحاسبي

د/ عبد الله الشارف كلية أصول الدين – تطوان

إذا كان الحديث عن موضوع كهذا يستلزم الكلام عن التصوف، فلا بأس من استهلال المقال بتحليل موجز عن جانب من الجوانب التي تمت بصلة إلى هذا المجال من الفكر والتراث الإسلاميين. وبما أن المكان لا يتسع لإثارة موضوع التصوف وتطوره، فقد ارتأيت أن أعالج في المقدمة وبعبارة مختصرة، موقف المسلمين من التصوف ثم أتبع ذلك بنظرة خاطفة عن حياة وفكر الحارث المحاسبي قبل أن ألج إلى صلب الموضوع.

إن التصوف شكل من الأشكال الثقافية المكونة للفكر الإسلامي بصفة عامة، ذلك أن التراث الفكري للحضارة الإسلامية يضم علوما ومعارف (الفقه وأصوله، والتفسير والمنطق والعلوم الطبيعية....) يحتل فيها التصوف مكانا بارزا. ولقد افترق المسلمون في موقفهم إزاء التصوف إلى ثلاث فرق: الفرقة الأولى مالت إلى القبول التام والانتصار للتصوف، والفرقة الثانية حملت شعار الرفض المطلق للفكر الصوفي، أما الفرقة الأخيرة، والتي يمثلها أصحاب تيار  الوسط، فإنها لم ترفض هذا الفكر وإنما احتفظت منه بما لا يتعارض مع قواعد الشرع، ولا يتنافى مع أصول العقيدة.

ولا ريب أن الباحث الحصيف لا يصعب عليه فهم العوامل النفسية والاجتماعية والسياسية التي تكمن وراء انتشار موقف الفرقتين الأوليتين، وأن عامل رد الفعل – إلى حد ما – يلعب دورا أساسيا في نشأة الموقفين: موقف الانتصار وموقف الرفض، باعتبار أن التصوف في الإسلام كان – من حيث النشأة والانتشار- بمثابة رد الفعل تجاه الصراعات السياسية، وحياة البذخ والترف في منتصف القرن الثاني للهجرة، حيث صعود نجم الدولة العباسية، ومن هنا فإن الميل إلى التصوف والدفاع عنه قد يكون بسبب ذلك.

كما أن موقف الرفض يعتبر رد فعل تجاه المتصوفة وانزلاقاتهم من قبل جمهور المسلمين وخاصة بعض الفقهاء، ذلك أن الطريقة التي سلكها عموم الصوفية في فهم الدين، أثارت عليهم حفيظة الفقهاء الذين بذلوا كل ما في وسعهم للرد عليهم والتصدي لهم، بل كانوا أحيانا يوغرون عليهم صدور الحكام. ومع أن هؤلاء الفقهاء كانوا يهدفون بحملتهم هذه إلى غاية حميدة تتجلى في الذب عن الشريعة الإسلامية، والحفاظ على نقائها وصفائها والحيلولة دون تسرب الأفكار الشاذة أو التي تميل إلى الغلو، فإن موقفهم كان كثيرا ما يتسم بنوع من الشدة و القساوة، مما جعل شقة الخلاف تتسع بين الفريقين يوما بعد يوم.

ولعل موقف الفرقة الثالثة باعتداله و وسطيته، يكون أقرب إلى الصحة سواء من حيث النقل أو العقل. ويمثل هذا الموقف كثير من علماء الإسلام، على رأسهم ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية، وكذلك الإمام الشاطبي وغيرهم. وفي هذا الصدد يقول الشيخ ابن تيمية." وكان المشايخ المصنفون في السنة يذكرون في عقائدهم مجانبة من يكثر دعوى المحبة والخوض فيها من غير خشية، لما في ذلك من الفساد الذي وقع فيه طوائف من المتصوفة، وما وقع في هؤلاء من فساد الاعتقاد والأعمال أوجب إنكار طوائف لأصل طريقة المتصوفة بالكلية، حتى صار المنحرفون صنفين: صنف يقر بحقها و باطلها، وصنف ينكر حقها و باطلها كما عليه طوائف من أهل الكلام والفقه. والصواب هو الإقرار بما فيها وفي غيرها من موافقة الكتاب والسنة"[1]

ويقول أبو إسحاق الشاطبي. "ولفظ التصوف لابد من شرحه أولا حتى يقع الحكم على أمر مفهوم....فلنرجع إلى ما قال فيه المتقدمون: وحاصل ما يرجع فيه لفظ التصوف عندهم معنيان: أحدهما التخلق بكل خلق سني والتجرد عن كل خلق دنئ، والآخر إنه الفناء عن نفسه والبقاء لربه، وهما في التحقيق إلى معنى واحد... فيكون الأول عملا تكليفيا والثاني نتيجته... ومجموعهما هو التصوف. وإذا ثبت هذا، فالتصوف بالمعنى الأول لا بدعة في الكلام فيه لأنه إنما يرجع إلى تفقه ينبني عليه العمل وتفصيل آفاته وعوارضه، وهو فقه صحيح وأصوله في الكتاب والسنة ظاهرة، فلا يقال في مثله بدعة"[2]

ثم يضيف قائلا. " وفي غرضي إن فسح الله في المدة أن ألخص في طريقة القوم أنموذجا يستدل على صحتها، وأنه إنما دخلتها المفاسد وتطرقت إليها البدع من جهة قوم تأخرت أزمانهم عن عهد ذلك السلف الصالح، وادعوا الدخول فيها من غير سلوك شرعي... حتى صارت في هذا الزمان الأخير كأنها شريعة أخرى".[3]

إن عملية تجريد العطاء الصوفي من البدع والشوائب و الشطحات والاحتفاظ بما قد ينفع ميدان تربية  النفوس، وعلاج أمراض القلوب، ومحو الرذائل وغرس الفضائل، عملية مفيدة وبناءة ينبغي أن ينتدب لها أولوا الألباب من العلماء والفقهاء. وما دامت الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، فإن كثيرا من كتب المتصوفة على علاتها تزخر بالحكم والأفكار السلوكية القيمة....

نشأ المحاسبي بالبصرة، ثم انتقل منها إلى بغداد حيث ذاع صيته وأقبل الناس عليه يستمعون إلى أحاديثه ومواعظه البليغة، إلى أن توفي رحمه الله سنة 243 هـ. وكان معاصرا لكبار العلماء والفقهاء كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي القاسم الجنيد وغيرهما. "روى الخطيب البغدادي بسند صحيح أن الإمام أحمد سمع كلام المحاسبي فقال لبعض أصحابه: ما سمعت في الحقائق مثل كلام هذا الرجل ولا أرى لك صحبتهم!"[4]

يستفاد من كلام أحمد بن حنبل أن صاحبنا كان على طريقة القوم، شغوفا بالكلام في الحقائق وما يتعلق بعلوم الباطن. ولعل كتاب "الوصايا" للمحاسبي خير دليل على ذلك، فقد تحدث في مقدمته عن الحيرة التي انتابته أثناء بحثه عن الحقيقة: "فلم أزل برهة من عمري أنظر اختلاف الأمة، وألتمس المنهج الواضح، وأستدل على طريق الآخرة بإرشاد العلماء... فقيض لي الرؤوف بعباده قوما وجدت فيهم دلائل التقوى، وأعلام الورع، وإيثار الآخرة على الدنيا... فأصبحت راغبا في مذهبهم مقتبسا من فوائدهم، قابلا لآدابهم.. ففتح الله لي علما...."

ويقول ابن خلكان مترجما للمحاسبي: " أبو عبد الله  الحارث بن أسد المحاسبي البصري الأصل الزاهد المشهور، أحد رجال الحقيقة، وهو ممن اجتمع له علم الظاهر والباطن، وله كتب في الزهد والأصول، وكتاب "الرعاية" له، وكان قد ورث من أبيه سبعين ألف درهم، فلم يأخذ منها شيئا، قيل لأن أباه كان يقول بالقدر، فرأى من الورع أن لا يأخذ ميراثه.... سئل عن العقل ما هو فقال: نور الغريزة مع التجارب يزيد ويقوى بالعلم والحلم"[5]

يقول الحارث المحاسبي في كتابه "الرعاية لحقوق الله". " باب ما ينال به خوف وعيد الله عز وجل؛قلت فبم ينال الخوف والرجاء؟

قال: تعظيم المعرفة بعظيم قدر الوعد والوعيد.

قلت: فبم ينال عظيم المعرفة بعظيم قدر الوعد والوعيد؟

قال: بالتخويف لشدة العذاب والترجي لعظيم الثواب.

قلت: وبم ينال التخويف؟ قال بالذكر والفكر في العاقبة، لأن الله عز وجل قد علم أن هذا العبد إذا غيب عنه ما قد خوفه ورجاه، لن يخاف ولن يرجو إلا بالذكر والفكر،لأن الغيب لا يرى بالعين، وإنما يرى بالقلب في حقائق اليقين، فإذا احتجب العبد بالغفلة عن الآخرة... ولم يخف ولم يرج إلا رجاء الإقرار وخوفه، وأما خوف ينغص عليه تعجيل لذته... إنما يجتلب بالذكر والفكر والتنبيه، والتذكر لشدة غضب الله وأليم عذابه وليوم المعاد"[6]

التجأ المحاسبي في هذا الكتاب إلى طريقة الحوار؛ حيث افترض مخاطبا يخاطبه  ويجيب عن تساؤلاته، ولا ريب أن استعمال هذه الطريقة في معالجة بعض الموضوعات له دور إيجابي في تقريب المعاني إلى الأذهان وبلوغ الهدف المنشود. وبعد أن حاور المحاسبي مخاطبه في موضوع التقوى ومحاسبة النفس، ثم في التوبة وشروطها، وما يبعث عليها، انتقل به إلى مجال الخوف والرجاء. فالنص الذي بين أيدينا وصف دقيق، وتحليل مركز للطريقة التي بواسطتها يستشعر العبد الخوف والرجاء، وتظل نفسه خاضعة لتجاذب قوتيهما.

إن المسلم في زمان كزماننا، يصعب عليه أن يتحقق بحالتي الخوف والرجاء، ويقتفي في ذلك أثر السلف الصالح، لكن الصعوبات مهما عظمت تتلاشى أمام الإرادة الصلبة والعزم الصادق. فممارسة التخويف النفسي عملية إرادية محضة، وهي من أنجع الوسائل في استحضار حالتي الخوف والرجاء، وتكون بواسطة الذكر والفكر. ولقد علم الله سبحانه وتعالى أن المسلم في سعيه الدنيوي، وجريه وراء الرزق، يكون عرضة للغفلة ولقساوة القلب، لذا نبهه إلى الذكر وقراءة القرآن، وحثه على التأمل والتدبر، ليستيقظ ويزيل عن قلبه آثار تلك الغفلة، ويحيل القساوة ليونة وخشوعا.

وما أكثر الآيات والأحاديث الدالة على الذكر، والتلاوة، والتفكر، في آيات الله وملكوته، فمن القرآن قوله تعالى. " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار". (آل عمران:190- 191) وقوله عز وجل:"وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" (النحل 44)...إلى غير ذلك من الآيات.

ومن الأحاديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها، مائة رحمة فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار" (رواه البخاري في باب الرقائق). وفي حديث قدسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تبارك وتعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" (متفق عليه).

وفي معرض الحديث عن أثر الذكر في تنوير القلب وصقل مرآته؛ يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله: "وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر. فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكما على قلبه، وصدأه بحسب غفلته؛ وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي  عليه، فيرى الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل... فإذا تراكم عليه الصدأ واسود وركبه الران، فسد تصوره وإدراكه، فلا يقبل حقا ولا ينكر باطلا. وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى، فإنهما يطمسان نور القلب ويعميان بصره.[7]

إن المسلم الذي لا يخصص في حياته أوقاتا منتظمة لتلاوة القرآن، وذكر الله، والتفكر في آياته، مستحضرا بذلك رحمة خالقه، لهو إنسان مغبون ومستهدف من الشيطان، لأن القلب الذي لا يخفق ولا يخشع، قلب لا نور فيه ومهدد بالموت. وكثيرا ما يستنكر المسلم قساوة قلبه دون أن يبحث عن العوامل والأسباب التي تكمن وراء ذلك، بل  يتجاهلها، وفي أحسن الأحوال يلجأ إلى عملية التسويف، ويمني أو يعد نفسه بالإقبال على الذكر أوقيام الليل مثلا، حالما ينتهي من مشاغله الدنيوية! وقد نسي أن الموت قد يباغته وهو منهمك في أعماله ومشاريعه، أو قد يصاب بمرض عضال يحول بينه وبين تحقيق تلك الأمنية. قال الرسول صلى الله عليه وسلم. "بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر" (رواه الترمذي).

ولابد، إن صدقت النية وخلص العمل،  أن يثمر التخويف الخوف ويفضي إليه، فكم من عاص، وكم من مذنب قاسي القلب، انزجرت نفسه وتابت إلى الله بعد أن عاهد خالقه على التوبة النصوح وتدبر آيات الوعد والوعيد، وطاف بعقله في أرجائها، وذكر نفسه بمشاهد الحشر، وأهوال القيامة، واستقر في مخيلته بعض ألوان عذاب جهنم، وصنوف من ملذات الجنة ونعيمها. وبعد توبته أنعم الله عليه بقلب واعظ، وأذاقه حلاوة التقوى.

ويرى المحاسبي أن المسلم يملك سلاح التخويف، أي باستطاعته أن يلجأ إليه ويمارسه تكلفا، غير أنه لا يملك الخوف، وإنما يقذفه الحق سبحانه وتعالى في قلبه إن كان صادقا في تخويفه لنفسه. "إن الله عز وجل إنما خوفنا بالعقاب لنخوف أنفسنا، ورجانا لنرجيها، والتخويف تكلف من العبد بمنة الله عز وجل وبفضله عليه، والخوف هائج منه لا يملكه... وقد يخطر الله عز وجل الخوف بقلب العبد المؤمن من غير تكلف، إذا أراد أن يتفضل عليه بذلك، وإن لم يخطره بباله لم يكن العبد عنده معذورا بترك تكلفه للتخويف، كما أمره أن يخوف نفسه، لأن أمره بالفكرة في المعاد، وذلك هو التخويف والترجي، وتهدده وأوعده ليتفكر في ذلك فيخافه ويرجوه"[8]

ثم إن أهم ما يعين على تخويف النفس ويعجل بقطف ثمار الخوف، ولوج باب معرفة الله وصفاته، لأن من عرف الله سبحانه وتأمل بعض أسمائه الحسنى؛ كالجبار، والمتكبر، والقهار، والمنتقم، والمذل، خافه بالضرورة، قال تعالى : "إنما يخشى الله من عباده العلماء".(فاطر 28). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية" (رواه البخاري)

وخوف العلماء أثبت في النفس وأشد أثرا في الجوارح، كما أنه يولد في القلب الذل والخشوع والاستكانة، ومن علامات رسوخه؛ الشعور به مع جريان الأنفاس لكون صاحبه يعلم أن الله مقلب القلوب، وما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمان عز وجل.

ومن الطرق الناجعة كذلك في استشعار الخوف، الإكثار من ذكر الموت وزيارة قبور المسلمين؛ "قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه، أن يكثر من ذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات ومؤتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين. فهذه ثلاثة أمور، ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت، وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه، واستحكمت فيه دواعي الذنب، فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول، لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير. وفي مشاهدة من احتضر وزيارة قبر من مات من المسلمين، معاينة ومشاهدة فلذلك كان أبلغ من الأول..."[9]

ومما يحسن الإشارة إليه، أن الإفراط في التخويف قد يأتي بنتيجة غير مرضية، ومن ثم ينبغي للمسلم أن يراعي التوازن بين حالتي الخوف والرجاء، لأن الإفراط في  الخوف يؤدي إلى اليأس والقنوط، كما أن الإفراط في الرجاء يوقع في التهاون والكسل. وكان فيما قاله أبو بكر الصديق، وهو يودع الدنيا،  لعمر بن الخطاب. "... ألم تر يا عمر أنها نزلت آية الرخاء مع آية الشدة، وآية الشدة مع آية الرخاء، ليكون المؤمن راغبا راهبا لا يرغب رغبة يتمنى فيها على الله ما ليس له، ولا يرهب رهبة يلقي فيها بيديه"[10]

ثم إن الخوف والرجاء متقابلان، أي أن الإنسان إذا تصور أحدهما تصور الآخر، فلا يتجرد أحدهما عن مقابله، فالذي يخاف من شيء يرجو في نفس الوقت النجاة منه، والذي يرجو شيئا يخاف أيضا فواته، فالرجاء إذن متصل بخوف خفي كما أن الخوف متصل برجاء خفي.

د. عبد الله الشارف

مجلة "الفرقان" (مغربية)، عدد 37، 1417-1996.


[1] -مجموع فتاوى ابن تمية /ج10/ ص 82

[2]- الاعتصام لأبي اسحاق الشاطبي / ج 1/ ص 207

[3] - الاعتصام لأبي اسحاق الشاطبي / ج 1/ ص 90

[4] - تهذيب التهذيب بن حجر / ج 2/ ص 116 دار الفكر

[5] - وفيات العيان لابن خلكان /ج2/ ص 58-57 دار الفكر

[6] -الرعاية لحقوق الله لأبي عبد الله الحارث المحاسبي ص 61 دار المعارف.

[7] - الوابل الصيب من الكلم الطيب لمحمد بن قيم الجوزية ص 48 دار الكتب العلمية.

[8] - الرعاية لحقوق الله... المحاسبي ص 62...

[9] - الجامع لأحكام القرآن لمحمد القرطبي / ج10 ص 116 دار الكتب العلمية.

[10] - إتمام الوفا في سيرة الخلفاء للشيخ محمد الخضري، ص64 دار الإيمان بيروت.

إرسال تعليق

0 تعليقات