حول التحليل النفسي


يأخذ مصطلح التحليل النفسي أكثر من دلالة، ويرجع ذلك إلى تشعب مجالات البحث التي اهتمت بها مدرسة التحليل النفسي، وتباين اختصاصات أنصاره. ففي الميدان الطبي الضيق، يقصد بالتحليل النفسي: "منهج خاص في العلاج الطبي ابتكره الأستاذ فرويد لشفاء طائفة معينة من الاضطرابات العصبية، وهذا المعنى المحدود هو الذي استخدمت فيه أول الأمر".
ولما كان اهتمام فرويد منصبا - في الأساس - على تحديد ميكانيزمات الحياة النفسية التي لا نشعر بها، فقد اعتبر التحليل النفسي: "فنا خاصا للبحث في أعماق النفس". إلا أن تشعب الميادين التي امتدت إليها اهتمامات علماء التحليل النفسي بما فيهم رائدهم فرويد، كالإهتمام بالأحلام، والنكت والنسيان، والإبداع الفني، والظاهرة الدينية، والقيم الأخلاقية، ونشوء الحضارة والتاريخ الإنساني، والميدان الاتنولوجي... كل ذلك جعل الرصيد المعرفي لمدرسة التحليل النفسي واسعا، ولا يقتصر على "فن العلاج"، ومن ثم كان التحليل النفسي يقصد به: "... المعارف التي اكتسبناها من تطبيق هذا المنهج (أي التحليل النفسي كمنهج علاجي)". والتحليل النفسي بذلك يرادف "علم اللاشعور"، بمعنى إذا كان التحليل النفسي بدأ خطواته الأولى في ميدان الطب، وفي دائرة ضيقة منه هي "الأمراض العصابية"، فإن ميل فرويد إلى "التنظير" و"التفلسف" فتح أمام التحليل النفسي أكثر من أفق فكري وفلسفي، خاصة عندما عزم على وضع نظرية متكاملة في الغرائز. والنظرية عادة ما تتجاوز المعطيات التجريبية والملاحظات الإكلينيكية، إلى مستوى التعميم والتجريد الشيء الذي انتهى إلى "تجاوز حدود التحليل النفسي". فبلاحتكاك بميادين مختلفة والحوار مع دوائر ثقافية مباينة للميدان الطبي: "أصبح لفظ التحليل النفسي ذاته لفظا مبهما، فبعد أن كان في الأصل اسما لوسيلة علاجية خاصة، أضحى الآن فضلا عن ذلك، اسما لعلم العمليات النفسية اللاشعورية([1][1]).
لقد ذهب الباحثون الغربيون إلى أن التحليل النفسي لم يقتصر تأثيره فقط في التيارات الفلسفية الحديثة؛ كالوجودية والبنيوية والشخصانية... بل كان له أبلغ الأثر في علم النفس وسائر العلوم الإنسانية الاجتماعية والتربوية والسياسية والتاريخية، وكذا في الآداب والفن. إن علم الاجتماع الغربي يستخدم على نطاق واسع، التحليل النفسي لدراسة الشخصية والمجتمع، لدرجة أصبح معها التفسير الفرويدي لمختلف الظواهر الاجتماعية، نوعا من النموذج المقولب، الذي بواسطته يمكن تفسير كل شيء. ولما كثرت الإشارة من قبل علماء الاجتماع إلى تكامل نظريات التحليل النفسي وعلم الاجتماع، برزت  الدعوة إلى تطوير علم جديد هو "سوسيولوجيا التحليل النفسي".
كما يعتبر "التعليل النفسي التاريخي" نفسه علما مستقلا يربط تاريخ الأحداث التاريخية ونشاط وأعمال رجال الدولة، والزعماء السياسيين، ربطا مباشرا بفهم التحليل النفسي للمادة التاريخية.
وتأثر القانون الجنائي أيضا بنظريات التحليل النفسي، ذلك أن بعض كتابات فرويد تضم أفكارا تتعلق بفهم التحليل النفسي لسيكولوجية المجرم، وهذا الفهم يأخذ به كثير من العاملين في مجال الحقوق والقانون.
إن سلوك الفرد المخالف للقانون له علاقة - عند فرويد - بما يتميز به الإنسان من شعور بالذنب ناجم عن "عقدة أوديب". وهو رد فعل على النوايا الإجرامية في سن الطفولة، عندما يطمح الطفل بصورة لا شعورية إلى إبعاد أبيه، والحلول محله في علاقات غرامية مع أمه. إن مواضيع التحليل النفسي استقطبت ألوان الإبداع الأدبي مثل مسرح العبث، والسريالية والدراما وشعر الاعتزال، والانقطاع عن العالم، وفنونا من الأدب المنثور. واكتسبت أفكار ونظريات التحليل النفسي شعبية خاصة وانتشارا كبيرا في الأدب الغربي المعاصر، كما أن كتابات بعض الأدباء من أنصار الاتجاه الفرويدي تركز على الخلفية الجنسية لمواقف الفرد الحياتية.
ومن ناحية أخرى فإن التحليل النفسي هو علم الشخصية، والشخصية في مجموعها كما تصورها فرويد تتألف من ثلاثة أجهزة رئيسة: الهو والأنا الأعلى. إن هذه الأجهزة الثلاثة تؤلف عند الشخص السليم عقليا، كيانا متجانسا وتمكنه من ممارسة نشاطه بطريقة مجدية وفعالة، في حين إذا اضطربت موازين تلك الشخصية قيل عن الشخص أنه شاذ.
"والهو" منبع الطاقة البيولوجية والنفسية التي يولد الفرد مزودا بها، فهو يضم الدوافع الفطرية التي ترجع إلى ميراث النوع الإنساني كله: الحاجات الفسيولوجية  وغريزة الجنس وغريزة العدوان، وبعبارة أخرى فهو طبيعة الإنسان الحيوانية قبل أن يتناولها المجتمع بالتحوير والتهذيب وهو جانب لا شعوري عميق (...)
والأنا هو جانب من الشخصية يتكون بالتدريج من اتصال الطفل بالعالم الخارجي الواقعي عن طريق حواسه ... وهو مركز الشعور والإدراك والتفكير، وهو المشرف على أفعالنا الإرادية، كما للأنا وجهين؛ وجه يطل على الدوافع الفطرية الغريزية في "الهو"، والآخر يطل على العالم الخارجي عن طريق الحواس. ووظيفته هي التوفيق بين مطالب الهو والظروف الخارجية. و"الأنا الأعلى" هو جملة القيم والمعايير والمعتقدات والمبادئ الخلقية، التي يستخدمها الفرد في الحكم على دوافعه وسلوكه والتي  يهتدي بها في تفكيره وأفعاله. إنه حصيلة عملية التطبيع الاجتماعي. وهو من حيث وظيفته؛ جانب الشخصية الذي يوجه وينتقد ويوقع العقاب. أما من حيث هو قوة محركة فيمكن تعريفه بأنه استعداد لا شعوري دافع مانع رادع مكتسب، على أساس من الخوف والحب والاحترام([2][2]).
بعد هذه التوطئة أعود إلى نص الكتاب المدرسي حول التحليل النفسي فأقول: إن مؤلفي الكتاب لم يهتموا بنقد نظرية التحليل النفسي بالرغم من الأساس الفلسفي الذي تقوم عليه. ذلك أن النظريات كلما أغرقت في التجريد الفلسفي، كلما ابتعدت عن الرؤية العلمية". مما يثير الانتباه إلى أن فرويد قد عاش في جل كتاباته سواء المبكرة منها كتفسير الأحلام، أو المتأخرة مثل "الأنا والهو"، وما وفوق مبدأ اللذة، وموسى والتوحيد و"عياء في الحضارة"... نوعا من القلق المعرفي المتمثل في عدم إقراراه صراحة بمشروعية "التأمل الفلسفي"؛ كمساعد ورديف للبحث العلمي. فتارة يدعي أنه تجنب: "في حذر أي انغماس في صميم الفلسفة، وكان ما فطرت عليه من  عجز فلسفي خير ميسر لهذا التجنب" وتارة يقول: "إنه لم يقرأ" "فاختر" و"شوبنهاور" و"نيتشه"... إلا بعد الوصول إلى اكتشافاته، ويستغرب من تطابقها مع أفكار أولئك الفلاسفة، وتارة يؤكد فرويد - وأحيانا في كتاب الواحد - أنه ابتداء من كتابه "ما فوق مبدأ اللذة" قد أطلق" "العنان للميل إلى التفلسف الذي كبحته زمنا طويلا، وأعلمت فكري في حل جديد لمشكلة الغرائز..."
ورغم هذا التصريح فإن فرويد طالما يحاول أن يجعلنا "نعتقد أن التحليل النفسي ليس تصورا للكون، ولا يمكن البتة أن يصبح كذلك"، بمعنى يعمل ما وسعه لتجنب الدخول في خانة الفلاسفة أو شغل حيز معين في سياق تاريخ الفلسفة، رغم أن تأملات فرويد - وأتباعه - لم تقتصر على الظواهر المرضية التي انطلقت منها، بل امتدت بعيدا إلى أن شملت الطبيعة والثقافة، والتاريخ، والدين، والحرب، والسياسة، والفن، والرياضة، والأساطير... حتى أصبح التحليل النفسي - بجهازه المفهومي المنطلق من نظرية الغرائز ومفاهيم المقاومة والكبت والجنس واللاشعور، وخبرات الطفولة - يفسر كل ظاهرة انطلاقا من نفس التصور وبواسطة نفس المفاهيم، مع ذلك يتجنب ما أمكن إدراج نفسه في سياق الفلاسفة".
"إلا أنا نعتقد أن التحليل  النفسي في حقيقة الأمر لم يكن مجرد أسلوب علاجي في مجال الطب النفسي، بل هو عبارة عن منظومة شاملة للكون، بمعنى أنه فلسفة لها خصوصيتها المتمثلة في قولها بتصور خاص عن الإنسان والكون والمجتمع والتاريخ والحضارة، وهذا ما يمكن ملاحظته في ما سبق ذكره عن بنية اللاشعور عند فرويد من جهة، وما يمكن ملاحظته من خلال توضيح نظريته في الغرائز من جهة ثانية.
ورغم ما لقيت تاملاته وفرضياته من اعتراض علماء النفس والأطباء في عصره باعتبارها مجرد "نزوة فلسفية" وشطحة من شطحاتها، رغم ذلك تمسك فرويد برأيه وسار قدما في أبحاثه، لم لا؟ وهو القائل: "لقد حافظ ذهننا على حرية اختراع صلات وعلاقات ليس لها من معادل البتة في الواقع". بناء على ذلك ما بقي شك في كون فرويد كان فيلسوفا؟([3][3]). لقد كان فرويد "طبيبا ومعالجا نفسيا وعالما فسيولوجيا. كان "فرويد" كل هؤلاء  معا على حد سواء. ولكنه كان أيضا أكثر من هذا فيلسوفا.
وقد وقعنا على إشارة إلى هذا في خطاب بعث به إلى صديق في سنة 1896 ذكر فيه: "لم أكتب كتابا أتمنى شيئا أكثر من المعرفة الفلسفية، وأنا الآن في طريقي إلى تحقيق هذه الأمنية بالانتقال من الطب إلى علم النفس([4][4]).معنى هذا أن فرويد يعتبر علم النفس فلسفة وبالتالي فإن التحليل النفسي؛ الإبن الرضيع لعلم النفس يكون قد نشأ انطلاقا من مبادئ فلسفية.
إن النزاهة العلمية تقتضي أن تعرض ولو بإيجاز، وجهة نظر بعض الأطباء والعلماء الذين  عارضوا التحليل النفسي الفرويدي، وقدموا الحجج على تهافتها، وخاصة بعض زملائه ومعاصريه؛ أمثال يونغ وآلدر وغيرهما، حتى يتمكن الطالب من تكوين تصور شامل عن نظرية التحليل النفسي، ونربي لديه ملكة النقد. إن مؤلفي الكتاب بالرغم من إشارتهم لعلاقة التحليل النفسي بالفلسفة، لم يتورعوا من إضفاء الشرعية العلمية على التحليل النفسي الفرويدي، والمفاهيم المتعلقة به مثل مفهوم اللاشعور ومفهوم الليبيدو...، كما أنه كان ينبغي لهم أن يميطوا اللثام عن نظرية التحليل النفسي، انطلاقا من شخصية مؤلفها فرويد، وتكوينه الثقافي، والعقدي، لا سيما أن الفكر الفلسفي باعتباره فكرا ذاتيا له علاقة متينة بشخصية الفيلسوف ومذهبه في الحياة وتصوره للوجود.
ويعتبر الكاتب الفرنسي المعاصر دافيد باكان، من بين كبير من الكتاب والباحثين الذين اهتموا بإبراز الارتباط بين نظرية التحليل النفسي والعقيدة اليهودية عند فرويد.
"أتى والد فرويد من غاليسي، حيث تسود الهاسيدية، وهي شكل متأخر وواسع الانتشار من الصوفي واليهودية، يقول فرويد في رسالته إلى راباك أن والده أتى من وسط هاسيدي"([5][5]).
"فهو على سبيل المثال يقر بإحساسه بيهوديته في "حياتي والتحليل والنفسي" إذ يقول:
"ولدت في السادس من آيار - مايو  1856، في فرايبورغ بمورافيا، كان والداي يهوديين وبقيت أنا كذلك".
ويتكرر هذا التوكيد حين دخوله الجامعة.
"عند التحاقي بالجامعة عام 1873 عانيت من خيبة الأمل الشيء الكثير، فقد واجهت التزاما غريبا، كان علي أن أشعرأنني دون غيري من الناس، وأنني غريب عنهم لأنني كنت يهوديا..." ثم يجزم بفعالية التأثير التواراتي عليه.
"إن استغراقي المبكر في التاريخ التوراتي (منذ تعلمت القراءة تقريبا) كان له، كما اكتشفت ذلك فيما بعد، تأثيرا ثابتا على وجهة اهتمامي([6][6]).
"من الممكن القول أن هناك استعدادا ثقافيا بين يهود فيينا للتحليل النفسي، ذلك أو أول مستمع لأفكار فرويد عن التحليل كانت "جمعية اليهودية" بناي برث، وأن أوائل المحللين كانوا جميعا من اليهود. وأهم شخصية غير يهودية بينهم كانت يونغ، الذي ينتمي إلى تراث صوفي مسيحي، نذكر هنا ما حدث في المؤتمر الدولي الثاني في نومبورغ عام 1910، يومها اقترح فرويد يونغ رئيسا. فحصل اجتماع احتجاجي في إحدى غرف الفندق قال فيه فرويد:
إن أغلبكم يهود. وبالتالي غير قادرين على اكتساب الأصدقاء للعقيدة الجديدة: على اليهود أن يكتفوا بفتح الطريق. من الضروري أن أنسج علاقات مع الوسط العلمي لأنني أتقدم في السن، وقد تعبت من الهجمات المتواصلة علي. جميعنا في خطر([7][7])!!؟
"فتحدث تيو برمير في كتابه "فرويد قارئ التوراة"، عن أربعمائة نص توراتي اكتشفها في كتابات فرويد ومراسلاته، وبحث عن علاقته بالكتابات المقدسة، وتماهيه ببعض الشخصيات التوراتية وأهمها موسى ويوسف، الأول كمخلص لشعبه والثاني كمفسر الأحلام. كما ذكر إرنست سيمون وجود نصوص توراتية في مراسلات هذا الأخير مع مارتا وفليس، تشير إلى معرفة جيدة بالتوراة، وأشار ألكسندر كراينستاين إلى تأثيرات فرويد، ومن بينها التوراة على أحلامه، وكذلك فعل جوهاشيم شارنبرغ.
أما الأصول التلمودية للفكر التحليلي، فقد أفرد لها جيرار حداد كتابه: "الطفل غير الشرعي. المصادر التلمودية للتحليل النفسي" ؛ (1981). وكان بول ريكور قد تناول هذه الفكرة أيضا في كتابه "دراسة حول التأويل عند فرويد" حيث ربط بين الشك عند فرويد، وطريقة التفكير التلمودية والمأثور الشفوي"([8][8]).
كذلك حين نلاحظ الاستخدام الخارق للرمز الشهوي في الكابال، تقل دهشتنا للموقع المميز للجنس في الفرويدية. من هنا نستنتج أن الامتداد مباشر. لقد رفض فرويد اليهودية التقليدية، لهذا سمح لنفسه باللجوء إلى تراث طويل من البدع: التراث الصوفي. النتيجة: وجد التحليل النفسي في هذا التصوف اليهودي نفسه([9][9]).
"وفقا لأطروحة هذا الكتاب يجب أن تفسر مساهمة فرويد في خطوطها الكبرى، على أنها صياغة معاصرة لتاريخ التصوف  اليهودي، ومساهمة معاصرة، في هذا التاريخ. إن فرويد بطريقة واعية أو لا واعية قد علمن التصوف اليهودي، ويمكن اعتبار التحليل النفسي بحق هذه العلمنة"([10][10]).
"هذا ليس كل شيء، فبعد أن حارب ظلم الشريعة، وجرد التراث من أسلحته، وقتل موسى، سمح فرويد لنفسد باستعادة ما هو أنفع له في صراعه الصعب، إنها وليمة جديدة على حساب الطوطم. وبقتله موسى قتل الشريعة كوصية مقدسة، إلا أنه حفظ الوصية التي فسرها كما شاء. وهو يكرر أنه فخور بالانتماء إلى الشعب الذي أعطى التوراة للعالم: ويقول بأن الاضطهاد ولد لدى اليهود مميزات خاصة، التعود على الوحدة، وعلى البعد والفكر النقدي، ويضيف بأنه ما كان يمكن إلا ليهودي أن يخترع التحليل النفسي إلخ... باختصار، إنه يسترجع يهوديته هذه المرة كتراث ثقافي وكنفس جماعية"([11][11]).
إن المطلع على تاريخ اليهود من سقوط الأندلس إلى مشارف القرن العشرين، يجده مليئا بأحداث اجتماعية ودينية وسياسية كانت لها مضاعفات خطيرة على الجماعات اليهودية في أوروبا. فبعد طرد المسيحيين لليهود من إسبانيا سنة 1492، بدأت سلسلة من المحن والمذابح عاناها اليهود أشد المعاناة. ففي سنة 1648 تعرض يهود أوروبا الشرقية لمذبحة فضيعة ذهب ضحيتها ما يقدر بثلاثمائة ألف يهودي، وتوالت الاضطهادات حتى زمن فرويد، ذلك أن الخلاف الديني بين المسيحية واليهودية، ظل قائما طوال القرون، بالإضافة إلى أن المسيحيين كانوا يتهمون اليهود بقتل الصبيان المسيحيين لإقامة بعض الطقوس الدينية اليهودية، وقد عاش فرويد نفسه حادثة من هذا النوع ولمس اضطهاد اليهود من جراء ذلك، "تعتبر بداية 1881، بداية لتشكل اليهودية الحديثة. خلال ّأكثر من عشرين عاما، ضجت أوروبا بصرخات المجازر البشعة كعقاب على القتل الطقسي المزعوم الذي يمارسه اليهود. من حين لآخر نكشف جثة، من الأفضل أن تكون لامرأة صبية مغتصبة، سحب دمها يهودي يحتفل بعيد الفصح، لقد عاش فرويد الذي كان يبلغ الخامسة والعشرين من العمر في 1881، بداية حياته في هذا المناخ اليومي من الكابوس...([12][12]).
"يلاحظ فرويد أن غير اليهود يمارسون على اليهودي اضطهادا لا يطاق يجده في حياته المهنية، والاجتماعية، والتاريخي، كما يكتشف أن تراثه الخاص يسبب له اضطهادا أكثر قسوة ويقيده داخليا" (...).
"من هذا التصور تستمر قراءة العمل الذي تم إنجازه، حيث يسطع ويتماسك. إن الاعتراض الفرويدي على الدين هو، ببداهة، تصفية حساب مع الدين اليهودي أولا، ومع المسيحية أيضا، وبالتالي مع كل دين، من هنا تصبح الحجج التي يقدمها حججا عالمية"([13][13]).
"يمكن القول أيضا، وهذا ما أعتقده نوعا ما، أن العلمنة هي على الأرجح الطريقة الوحيدة لإنقاذ التراث اليهودي. مثل هذا التكيف فقط يسمح فيما يبدو للإرث اليهودي أن يؤخذ من جديد ويستمر اليهود في المستقبل وهذا باختصار ما يفعله فرويد"([14][14]).
تحت ضغوط العداء للسامية، رأى فرويد أن الحل يكمن في الثورة على اليهودية التقليدية، وذلك لكي يتمكن اليهود من الاندماج في العالم الغربي ويتجنبوا النفي والتشريد بل الإبادة. ومن نقده للديانة اليهودية انتقل إلى نقده لمفهوم الدين عموما. ويذكر الباحثون أن آخر تأليف له هو كتاب "موسى والتوحيد"، حيث اعتبر موسى أسطورة من نسج خيال اليهود ... غير أن رفضه للشريعة اليهودية لا يعني رفضه لليهودية ككل. فقد ظل طوال حياته معتزا بيهوديته، وكان يعارض بشدة قضية اعتناق اليهود للمسيحية خلال مطلع القرن العشرين.
إن فرويد كما سبقت الإشارة إلى ذلك: "حفظ الوصية التي فسرها كما شاء" - احتفظ بكثير من الأفكار الدينية المحرفة والتي استخدمها في صياغة بعض المفاهيم المتعلقة بالتحليل النفسي؛ منها مفهوم الليبيدو أو الجنس ... الخ وهكذا فإن صياغته للأفكار الجنسية، والمتضمنة في الكتب المقدسة عند اليهود مثل الكابال والزوهار، أقول: إن صياغته لتلك الأفكار بطريقة علمية - كما يدعي هو وأتباعه - مكنه من المحافظة على استمرارية التراث اليهودي الصوفي الهاسيدي، بل صيره تراثا وفكرا عالميا دون وعي من الناس. وهذا ما يزيد من اقتناعي بفرضية بعض الباحثين المهتمين بأثر الفكر اليهودي في الثقافة والفلسفة الغربية، تلك الفرضية التي مفادها أن عملية تهويد الفكر الغربي باتت من الأمور المسلم بها.
"لعب التصوف اليهودي دورا خاصا في الصلات بين اليهود والعالم الغربي، فشكل داخل اليهودية، خصوصا بعد القرن السابع عشر، حركة ثورية ضد نمط الحياة اليهودية التقليدية. فتزعزعت قواعد اليهودية الكلاسيكية وبات دخول اليهود في التيارات الواسعة للعالم الغربي أكثر يسرا([15][15]).
مفهوم اللاشعور:
جاء في الكتاب المذكور ما يلي:
"يعتبر مفهوم "اللاشعور" من المفاهيم العلمية الأساسية التي يمكن القول أنها أحدثت ثورة إبستمولوجية في ميدان علم النفس، والتي شملت ميادين إنسانية أخرى كالاتنولوجيا والأنثروبولوجيا واللسنيات، بل حتى في مجال ابستمولوجيا العلوم المسماة "دقيقة" مثل الفيزياء.
وقد استطاع مؤسس التحليل النفسي الفيلسوف والطبيب النمساوي "سيغموند فرويد" أن يفسر الكثير من الظواهر الاجتماعية، والسياسية، والفنية، والإتنولوجية، والدينية..."([16][16]).
"بينا من قبل كيف انتهت الملاحظات الإكلينيكية، في علاقة فرويد ببعض المرضى النفسانيين إلى وضع فرضية اللاشعور، هذه الفرضية أصبحت واقعا سيكولوجيا مؤكدا من خلال دراسة فرويد لظواهر سيكولوجية كثيرة، كالأحلام، والهفوات، والنكت، والنسيان، والصراع النفسي الذي يشكو منه المرضى النفسانيون.
ولم يكن إثبات اللاشعور هو كل شيء عند فرويد، بل كان الخطوة الأولى في درب التحليل النفسي، ومجرد الصفحة الأولى في تكوين "مجلده" الضخم، حيث كان على فرويد أن يفسر علاقة الحياة اللاشعورية للإنسان بظواهر كثيرة مثل الحياة الجنسية للأطفال، والراشدين والشواذ، ودور الجنس في فهم المرض النفسي، وفعالية خبرات الطفولة المتراكمة في تفسير سلوك الراشدين، وعلاقة كل ذلك بظاهرتين سيكولوجيتين هما "الكبـت والمقاومة"([17][17]).
"أما اللاشعور فيشير إلى جانب العميق من الحياة النفسية والذي يحتوي على الخبرات والدوافع المكبوتة والتي يصعب استعادتها إلى ساحة الشعور": ما لم تصطنع لها نشاطا خاصا بواسطة عملية التحليل" أي أن اللاشعور هو الجانب "الذي لا يستطيع أن يصلح شعوريا بالطريقة العادية".
"إلى جانب ذلك وجد فرويد أن هناك جانبا من "الأنا" - الذي من المفروض فيه أن يكون شعوريا - يدخل ضمن نطاق اللاشعور، ويترتب على ذلك أن مصطلح اللاشعور لا يتطابق بالضرورة مع مصطلح المكبوت، فإذا كان: "صحيحا أن كل ما هو مكبوت لا شعوري (فإنه) ليس كل شعور مكبوتا، إن جزءا من الأنا أيضا ... لا شعوري من غير شك"([18][18]).
بالرغم من أن مؤلفي الكتاب المدرسي قد أكدوا على الإطار الفلسفي لبنية اللاشعور عند فرويد، فإنهم أبو إلا أن يسموا هذا المفهوم بسمة العلمية. والغريب أنني راجعت مادة اللاشعور في بعض القواميس المتخصصة فلم أجد أثرا لتلك الصفة العلمية المزعومة([19][19]). وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على عمى البصيرة الناتج عن الاستغراب. وليست المفاهيم الفلسفية الغربية وحدها تتحول عندا إلى مفاهيم علمية فحسب، وإنما حتى الأساطير اليونانية مثل عقدة أوديب، نلبسها الحلة العلمية.
وإذا كانت كل الدراسات والبحوث الغربية حول مفهوم اللاشعور قد أفصحت عن جذوره الفلسفية، فإن جلها نسبته إلى أحط أنواع الفلسفات اللاعقلانية. إن الميتافيزيقيات الألمانية التي أعقبت المرحلة الكانطية([20][20]) والمتعلقة خصوصا بشيلينغ، وهجيل وشوبنهار، هي التي صاغت مفهوم اللاشعور صياغة فلسفية.
في سنة 1818 صاغ شوبنهار فلسفته المبنية على الإرادة ويقصد بهذه "الإرادة حيوية لا معقولة تسري في الموجودات انطلاقا من الكائنات المادية مرورا بالنباتات، فالحيوانات وكل قوى الكون والطبيعة تعبر عن هذه "الإرادة". ويعتبر الإنسان المرحلة النهائية لتجسيد هذه الإرادة.
لكن شوبنهار يرى أن هذه الإرادة الكلية أسمى من العقل، بل إن المعرفة والعقل يوجدان ويتحركان طبقا لأوامرها. ومن هنا فإنها إرادة لا شعورية. وكل قراراتنا وتصرفاتنا لا تعبر عن تفكير شعوري حر وإنما هي عبارة عن تجليات لتلك الإرادة([21][21]).
"وفيما بين سنتي 1831 و 1846 بلور كارل كوستاف كروس نظريات تقنية قريبة من نظريات شوبنهاور، وقال بأن مفتاح معرفة الحياة العقلية الشعورية يوجد في منطقة اللاشعور.
ثم أتى بعده فون هارتمان وهو ألماني أيضا، ووضع كتابة فلسفة اللاشعور وذلك سنة 1869. فتأثر بالتـأمل الميتافيزيقي الهيجلي، وقال بان اللاشعور يؤسس الحياة العقلية كما يؤسس الحياة الجسدية، فكل النشاطات العقلية والجسدية مدفوعة بالقوة اللاشعورية، فالغريزة تهدف إلى غاية لا شعورية أي أنها لا تعي ولا تشعر بالهدف الذي تنتهي إليه.
لقد كانت فلسفات القرن التاسع عشر المتعلقة باللاشعور شديدة الخصوبة، إذ أنها عملت على تأسيس قوة اللاشعوور في الكون والإنسان، تلك القوة التي تحرك كل شيء وتحدد نشاطات العقل والشعور الإنساني"([22][22]).
إن فرويد وجه ضربة قاضية إلى العقلانية من خلال تأكيده أن مجال النشاط الإنساني يكمن في اللاوعي واللاشعور، وفي أعماق جلها ينكشف لعين المراقب، ومن خلال ميله إلى أن فكر الإنسان الواعي لا يسيطر على سلوكه إلا بمقدار يسير. وفي هذا الصدد يقول جورج بوليتزر: "عندما نريد التنويه بمفكر أو منظر نقول إنه أحدث ثورة كوبرنيكية... إن تلامذة فرويد لم يغفلوا عن تقديم مثل هذه التهنئة لأستاذ فيينا  (أي فرويد)وتكمن الثورة الكوبرينكية التي أحدثها فرويد في كونه استبدل علم النفس المتمحور حول الشعور، بعلم النفس القائم على محور اللاشعور. وهذا العمل (من قبل فرويد) يتناغم مع الأطروحات اللاعقلانية، كما يفيد أن اللاعقلاني واللاشعوري يشكلان قاعدة النفس والحياة"([23][23]).
ومن ناحية أخرى فإن قول فرويد - المذكور في ص 280 من الكتاب المدرسي - "ليس كل شعور مكبوتا، إن جزءا من الأنا أيضا ... لا شعوري من غير شك"، ينم عن تصور خطير ومنحرف ومسيئ لمعنى الإرادة والمسؤولية عند الإنسان.
"إن مفهوم اللاشعور من المفاهيم النفسية التي أفرزتها الحضارة الغربية، تلك الحضارة التي تتصور الإنسان تصورا خاصا يتلاءم وينسجم مع معطياتها وأهدافها. ويمكن القول أن الضغوط الاجتماعية والسياسية والثقافية التي ما يزال يمارسها المجتمع الصناعي التكنولوجي على الإنسان الغربي، كانت السبب في تغيير شخصية ونفسية هذا الإنسان، مما نتج عنه ظهور وافتراض مفاهيم نفسية تعبر عن الواقع النفسي المر والمعقد، الذي يعيشه الإنسان الغربي، مع محاولة لفهم هذا الواقع وتبريره. وبعبارة أخرى، لما كانت ضغوط المجتمع الصناعي والتكنولوجي أقوى مما يتحمله الإنسان هناك، فقد هذا الإنسان جزءا من إرادته الشعورية، وبدأ يعلل بعض سلوكه بنشاط وتصرف الجانب اللاشعوري المفترض، والذي يكون بالنسبة إليه جزءا من شخصيته ونفسيته.
إن هذا التحليل الوهمي ما هو إلا تعبير عن ضعف هذا الإنسان أمام المؤسسات الصناعية والتكنولوجية والأيديولوجية للمجتمع الغربي. إننا إذا اعترفنا بالسلوك اللاشعوري أو بدوافع لا يكون الإنسان منتبها إليها تحرك سلوكه دون علم منه، فإننا سوف نسقط جانبا من المسؤولية في الأفعال الإرادية الصادرة عن الشخص المسلم، وبالتالي سنعذر الأشخاص في كثير من تصرفاتهم لكونها لا شعورية، وهذا ما لا يتطابق مع روح الشريعة([24][24]).
وفي هذا الاتجاه يقول فاليري لبين: "إن مدخل مذهب التحليل النفسي إلى بحث المسائل الحقوقية والقانونية، وإلى الكشف عن أسباب الجريمة، وتقويم الأعمال المخالفة للقانون، قد أخذ به كثير من رجال القانون البرجوازيين المعاصرين، وتحول إلى معيار للممارسة سواء في تصنيف الجرائم، أو في إصدار الأحكام المبررة للمجرمين، الذين يعتبرون ضحايا الظروف القائمة. وكثيرا ما يكون الطبيب النفسي،  الخبير الذي يسترشد بالمبادئ والمواقف التحليلية النفسية، الشخصية الرئيسة في المحاكمات في العالم الغربي الآن. وتثير مثل هذه الممارسة قلقا جديا لدى عدد من المنظرين، الذين يشيرون إلى أن استخدام نظريات فرويد في علم التحقيق الجنائي، يولد أخلاقية اللامسؤولية الاجتماعية واليأس الشخصي، حيث يحل، بصورة متزايدة، مبدأ التبرير التحليلي - النفسي للجرم المرتكب محل فكرة المسؤولية. وإذا ما استمرت العدلية في المستقبل، في الاسترشاد بالأخلاقية الفرويدية، فإن أولئك الذين لا يزالون يحترمون القانون ، ويتمسكون بالنظام إلى حد ما، يمكن أن يتحولوا، حسب رأي بعض الاختصاصيين، إلى مجرمين لا تطالهم يد العدالة، نتيجة للاعتراف بأنهم شاذون من الناحية النفسية، وبالتالي يغدو المجتمع القائم مريضا حقا([25][25]).
إن علم النفس الحديث يتسم بتركيزه على الجانب السفلي من النفس دون الجانب العلوي المتعلق بالروح، فنجد أن المستوى الشعوري عند الفرد لا يفهم ولا تتحدد بنيته إلا انطلاقا من مستويات أدنى، تلك المستويات التي يوجد الإنسان مقسورا في إطارها الجبري؛ حيث يعجز أن تكون له إرادته الخاصة القادرة على الاختيار والتغيير. وتتكون هذه المستويات بطبيعة الحال من البنيات اللاشعورية كما يعرفها فرويد، حيث الدوافع الجنسية والحيوانية، وكذا من العادات الاجتماعية المفروضة. وكان من نتائج هذه الفرضية أن الحالات النفسية تكون سفلى بقدر ما كانت عميقة.
إن سيادة وانتشار هذا التفسير المنطلق من المناطق السفلى في النفس أدى إلى إبعاد الروح كعامل أساسي في فهم وتكوين باطن الإنسان. ومن هنا فإن علم النفس الحديث لا علاقة له بالروح، ولا يعترف بوجودها. وعلى هذا الأساس فإن الاعتماد على كثير من معطيات هذا العلم، والرجوع إليها قد يؤدي إلى نتائج غير محمود.
إن علم النفس الحديث يهتم بالدرجة الأولى بدراسة إنسان الحضارة الغربية، وإذا ما حاول أن يدرس ويحلل إنسانا لا ينتمي إلى هذه الحضارة، فإنه قلما ينجح في مهمته لكون مقاييس هذا العلم ذاتية، وضعها وصاغها إنسان الغرب ليستعين بها على تحليل ذاته: "لذا بدأ الحديث عن أزمة التحليل، وتوالت المؤلفات داخل الفكر التحليلي وخارجه التي إما أن تتناقض معه في الفكرة والمنهج، وإما تلتقي معه في نقاط وتفترق عنه في غيرها"([26][26]).
"كما ساهمت بعض أبحاث الأنتروبولوجيا في تعميق النقاش حوله، عندما اكتشفت خلافا لما أشاعه الفكر الفرويدي، لا عالمية بعض العقد أو المفاهيم "كأوديب" أو المراهقة، أو المحرمات، عبر ملاحظاتها لشعوب غير أوربية، مما عزز التساؤل حول مواصفات العالمية والشمولية والحتمية التي نسبها التحليل النفسي، والفكر الفرويدي تحديدا لمفاهيمه([27][27]).
ثم إن القطيعة الروحية التي أصابت أوربا عقب الثورة على الكنيسة، والثورة الفرنسية، والثورة الصناعية، أفرزت إنسانا يكاد يكون خاصا لمن تعرف الحضارات السابقة شبيها له. في حين أن الإنسان المسلم لم يعرف حالة القطيعة الروحية، ولم يعرف الحياة المادية المعقدة المستلزمة لعلم النفس بالمقياس الغربي، إن المسلم كما نعلم له اختيار حضاري من طراز رفيع يربط الأرض بالسماء، وله سلوك فريد من نوعه يتحدد من خلال ذلك الاختيار.
وإذا كان الإسلام يعالج قضايا النفس البشرية من الأسفل إلى الأعلى، فإن علم النفس الغربي يعالج تلك القضايا في اتجاه المنطقة السفلى. فالوحي حين يخاطب النفس البشرية ويتوجه إليها بالتربية والعلاج، يأخذ بيدها فينتشلها من منطقة الظلام ومن أوساخ طينة الجسد ويعرج بها إلى صفاء العالم الروحي، في حين أن علم النفس الحديث يأخذ بيد النفس فينتزعها من منطقة العقل ويهوي بها إلى أعماق المناطق المظلمة والحيوانية في الذات البشرية. ومن هنا كان مفهوم اللاشعور أكثر المفاهيم النفسية تعبيرا عن هذا الاتجاه من الأعلى إلى الأسفل. وإذا كان العروج بالنفس الإنسانية إلى العالم العلوي، يجعلها  تداعب النفحات الملائكية، فإن الانحدار بها في أودية المناطق المظلمة يسقطها في عالم الشياطين والتأثيرات الشريرة مصداقا لقوله تعالى: ﴿الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات﴾ (البقرة آية 256).
مفهوم الغريزة الجنسية أو مبدأ الليبيدو
إن فرويد لم يكن يقتنع بالتفسير الفسيولوجي للعصاب من جهة، كما لم يكن يكتفي بالقول إن العصاب يرجع إلى خبرات انفعالية ما في حياة المرض. وذهب إلى أن: "...ما كان يفتعل خلف مظاهر العصاب ليس اضطرابا انفعاليا أيا كان، إنما هو اضطراب ذو طابع جنسي..."، وتأكد فرويد مع مرور البحث وتعدد حالات المرضى: "أن الوظيفة الجنسية موجودة منذ بدء حياة الفرد؛ أي منذ الولادة، بالرغم من أنها تكون في بادئ الأمر ممزوجة بالوظائف الحيوية الأخرى" (...).
وقد وجد فرويد - فيما بعد - أن هناك علاقة وطيدة بين الانفعالات النفسية المصاحبة لتجربة  "عقدة أوديب"، وبين العصاب كمرض نفساني. وأن "... تزايد الخبرة أبان أكثر فأكثر أن عقدة أوديب هي نواة العصاب وقمة الحياة الجنسية الطفلية، ونقطة الاتصال بجميع تطوراتها التالية"، لأن عقدة أوديب تعني ميلاد مشاعر الكراهية للأب والميول للام" (....).
والليبيدو هو "الطاقة النفسية المتعلقة بالغريزة الجنسية". كما يقصد فرويد بالليبيدو: "الرغبة الجنسية المتجهة نحو الموضوع"؛ أي موضوع خارجي للتفريغ والإشباع. وقد بين فرويد أنه قبل تكون الأنا والأنا العلوي سواء على مستوى تاريخ النمو الإنساني، أو على مستوى تاريخ كل فرد من حيث المراحل التي يقطعها في نموه، قبل ذلك كان الليبيدو مرتبطا بالأساس بمنطقة الهو؛ التي هي مجال الغرائز البدائية الفطرية وعلى رأسها غريزة الجنس([28][28]).
"هذا الصراع كانت نتيجته "عقدة أوديب" التي عنها تبلور "الأنا الأعلى" كقوة نفسية لاشعورية تستبطن "سلطة الأب"، التي يمارسها واقعيا مباشرة - قبل حادثة الجريمة الأولى - والتي تحرم الأبناء من الاستماع باللذات وعلى رأسها اللذات الجنسية
وبعد الثورة على "الأب" وقتله، تشكلت القاعدة الأخلاقية الأولى "تحريم الزواج من بنات العشيرة"، وهي النواة الأولى للنواهي والأوامر الأخلاقية المحددة لسلوك "الأنا العلوي"، وعلاقته بكل من "الهو والأنا، بمعنى أن منع "إشباع رغبات "الهو" من طرف الأب، هو الذي أدى إلى انفصال جزء من "الهو" من جهة، والاستقلال بنفسه عن "الأنا" من جهة ثانية مكونا بذلك ما يسميه فرويد "الأنا العلوي" الذي هو "سفير" الأخلاق والأوامر والنواهي الاجتماعية في لا شعورنا. وبهذا المعنى نفهم كيف أن الأنا الأعلى إنما يعرف عن الهو اللاشعوري أكثر مما يعرف الأنا".
ولما كان الأنا العلوي وريث عقدة اوديب([29][29])، ولما كان "الأنا الأعلى ينشأ ... عن تقمص شخصية الأب باعتباره مثلا مع ما يعانيه من التجرد عن غريزة الجنس، فإن وظيفة الأنا العلوي تتمثل في ممارسة "الرقابة"، و"الكبت" الذي يمارسه الأب المستبد واقعيا، ولكن - بعد الجريمة الأولى - أصبحت تلك العملية تتم بطريقة لا شعورية من خلال الضغط على الأنا، حيث الأنا العلوي يعمل حارس يحذر الأنا من خطر قبول أية دوافع مكبوتة تنبعث من الهو"، ولا يعني هذا أن الأنا العلوي هو القوة التي تمارس الكبت مباشرة، بل إن ذلك يتم من طرف الأنا خوفا من الأنا العلوي أو بأمر منه، وهذا ما عناه فرويد حين قال: "إن الأنا يقوم في العادة بتنفيذ عمليات الكبت في خدمة الأنا الأعلى وبأمره([30][30]).
لقد لاحظ فرويد أثناء القيام بعلاج مرضاه العصابيين، بأن الذكريات المرضية التي يبوح بها هؤلاء لها صلة بأحداث مست حياتهم الجنسية خصوصا في سن الطفولة، ومن هنا اشتغل بدراسة الجانب الجنسي عند الطفل ورأى بأن رغبة المص - مص الثدي وغيره - عند الرضيع تجسد المرحلة الأولى للنشاط الجنسي عند الطفل: "وعندما يصبح الطفل قادرا على إدراك ذاته وتمييزها عن أشياء العالم الخارجي، يلج المرحلة الثانية وهي مرحلة النرجسية حيث يتجه إلى ذاته فيتعشقها، ويتخذ منها موضوعا لتصريف طاقته الجنسية. وقد أخذت هذه المرحلة اسمها الذي أطلقه عليه فرويد من أسطورة إغريقية؛ مفادها أن "نرجس" نظرا إلى صورته في مياه البحيرة، فأعجب بنفسه إعجابا شديدا وهام بذاته حبا، فعاقبته الآلهة وحولته إلى الزهرة المعروفة بهذا الاسم.
أتساءل من جديد: لماذا تحاشى مؤلفو هذا الكتاب المدرسي، عرض وجهة نظر آخرين من أقطاب مدرسة التحليل النفسي أمثال آلدر وبروير؟ أليس من مبادئ البحث العلمي والمنهجي، ذكر المواقف المغايرة حتى يتسنى للقارئ والطالب تكوين صورة واضحة ومنطقية عن موضوع الدراسة؟ لا سيما وأن جل ما ورد من كلام في الكتاب حول مفهوم الجنس عبارة عن فرضيات وتعميمات لا علمية، بل يتخلل ذلك الكلام ذكر أساطير يونانية مثل أسطورة أوديب وإلكترا ونرجس وإيروس وهلم جرا.
وأخيرا إنه لا يمكن فهم سيطرة مبدأ الليبيدو والجنس في تغيير مختلف أوجه السلوك الإنساني - كما ذهب إلى ذلك فرويد وانفرد به عن زملائه والمنشقين عنه ممن ساهموا في تأسيس التحليل النفسي وبلورة أفكاره- إلا في إطار ذلك التحليل الذي أثبته دافيد باكان في كتابه المشار إليه، حيث يسير إلى أن فرويد كان يعمل من خلال أطروحته التحليلية، على علمنة التصوف الفرويدي - بما يتضمنه من مفاهيم ترجع في أصولها إلى الكابال والزوهار - محاولة من فرويد في حلة (علمية) لإنقاذ التراث الديني اليهودي من الاندثار ولو عن طريق علمنته، وتحريفه، ومسخه، إلى أبعد حدود.
إن كل الذين كتبوا عن حياة فرويد وسيرته الذاتية يشيرون إلى قوة تعلقه بيهوديته واعتزازه بتراثه العقدي، كما أثبتوا بأنه كان يعاني من العداء الموجه إلى اليهود أصحاب العرق السامي، من قبل الأوربيين. لماذا لا نعتبر منظومة التحليل النفسي الفرويدي بما تحتويه من مفاهيم وألغاز (الهو، الأنا الأعلى، الليبيدو ... الخ) تأليفا رمزيا نسج - من حيث البنية الرمزية على غرار رمزية الكابال؟: "نعتقد أن فرويد كتب غالبا بطريقة غامضة، وأنه كانت لديه دوافع، واعية أم لا، لإخفاء بعض أفكاره العميقة ذات الأصل والمضمون الكابالي. المأثور الكابالي نفسه، وبطبيعته سري ويتناول في قسم منه أشياء سرية يشترط من حيث المبدأ ألا تنتقل تعاليمه السرية إلا شفويا وتلميحا إلى شخص واحد فقط في كل مرة، وأن يكون هذا الشخص من ذوي العقول النيرة. هذا ما فعله فرويد حقا في ممارسة التحليل النفسي، وهذه السمة من المأثور الكابالي لا تزال متضمنة في تعليم المحلل النفساني الحديث. فعليه أن يلتقي المأثور شفويا (في التحليل التعليمي). أي كما قد يقول المحلل النفساوي المعاصر "لاكان" : إن التحليل النفسي لا يتعلم من الكتب"([31][31]).
ويضيف دافيد باكان: "نسب المتصوفون اليهود خلافا لباقي المتقشفين المتصوفين الجنسية إلى الله نفسه. يرى الكابالي اليهودي في العلاقات الجنسية بين الرجل وامرأته تحقيقا رمزيا للعلاقة بين الله والشكيناه، ويحتج بأن التوراة تستخدم الكلمة نفسها للدلالة على المعرفة وعلى العلاقة الجنسية في الوقت نفسه، حيث تعتبر المعرفة ذات طابع شهواني بحت. نشير إلى أن تصور الشكل المثالي للجنسية هو في التغاير الجنسي الذي يتحقق خصوصا في الزواج، تصبح الجنسية الزوجية رمز القوة الخلاقة. وهكذا، فإن استخدام فرويد للكلام الجنسي للدلالة على أعمق مشاكل الإنسانية وأكبرها يقع تماما ضمن الفكر الكابالي. فقد اتخذ معيارا هو الشكل "التناسلي" للجنسية الذي يعبر عنه بأتم صيغة في الزواج. رفع التلمود وكافة التراث الأرثوذكسي صيغة الزواج إلى وضع معياري: وقد قبل الكابال هذا الشكل المعياري إلا انه حوله إلى لغة أساسية وكونية (كوزمولوجية)، وفقا للزوهار، تنزع النفس بقوة إلى الاتحاد بمصدرها في الله، من المميز هنا اللجوء إلى استعارات جنسية للتحدث عن هذا الاتحاد بشكل عام، يعتبر اتحاد الذكر والأنثى شكل الوجود المثالي، وهكذا تصبح العلاقة الجنسية الانسانية تعبيرا رمزيا عن القدرات الإلهية، كما تفسر القوة الخلافة الإلهية نفسها بطريقة شهوانية عميقة.
إن الشكيناه أو الحضور المقدس لله، هي إحدى المفاهيم اللاهوتية اليهودية: ينظر إليها الكابال من زاوية مؤنثة بحثة، فهي القسم الأنثوي من الرب وهي الجزء من الرب نفسه. يبدو أن نظام الكابال بأسرة يكمن في هذا المفهوم، المعقد جدا، والذي مهما أعطيناه من معنى، تترابط الجنسية فيه دائما مع هذه الصورة الأمومية، ضمن هذا التشابك في المعنى، نجد عدة أمثلة تسمح لنا بالحكم على طبيعة الجنسية كما يفهمها فرويد، لأن هذه الأخيرة بالنسبة له لا تقتصر على الجماع الجسدي، بل هي صورة معقدة تمتزج فيها جميع الأهداف الإنسانية"([32][32])
لم تكن نظرة فرويد إلى مجموعة من الفروض التي استقاها من تجربته مع المرضى والشواذ والمصابين، وليس مع الأصحاء والأقوياء، وهي وجهة نظر معينة لم تثبت طويلا في مجال التجربة حتى  قال كثير من الباحثين: إن فرويد أقرب إلى المتنبئين منه إلى العلماء، وإنه يرمي بنظرياته وآرائه دون أن يقدم لها البرهان العلمي أو السند الواقعي، وإنها تقوم في أغلبها على الافتراض ثم تصديق ما يفترض، فيبني عليه وكأنه حقيقة علمية لا يأتيها الباطل.
وقد أثبتت الدراسات العلمية بما لا يقبل الجدل أن الدافع الجنسي يأتي في مرتبة أدنى من كثير من الدوافع الأخرى؛ كالدافع إلى الهواء، أو الشراب أو الطعام، ثم إن الدافع الجنسي يخضع للتربية بمعنى أننا نستطيع تربية الإنسان على العفة بحيث يضبط دافعه الجنسي ويتحكم فيه، وبذلك تكون العفة أمرا ليس ممكنا فحسب بل ضروريا.
ويقول الباحثون أن نقطة الضعف الأساسية في فرويد كعالم، هي أنه اتخذ من دراسة نفسه وطفولته قاعدة للتعميم والوصول إلى قوانين عامة. وقد ترك فرويد في كتاباته عن نفسه وحياته ما يثبت أنه كان يتخذ من تحليل أحلامه وهواجسه ومشاكل صباه كيهودي في النمسا المتعصبة ضد اليهود، قاعدة كل تعميماته. ويقول الباحثون أن فلسفة فرويد تمتاز بأنها ميكانيكية جبرية، فإنها تنظر إلى الإنسان على أنه آلة عديمة الحرية خاضعة كل الخضوع لقوى خفية، لا يمكن التغلب عليها إلا بالحيلة، وأن فرويد أسرف في إرجاع كل ظاهرة سلوكية إلى الغريزة الجنسية، بل إن فرضيات فرويد لم تكن موقع قبول من العاملين معه في حقل علم النفس، وعلى العكس من ذلك كانت موضع المعارضة، وقد عارض يونغ وأدلر نظرية فرويد في الجنس، ورفضا رأيه في الغريزة الجنسية وفي الطفولة وفي عقدة أوديب.
أما أودلر فإنه نبذ أهمية الغريزة الجنسية النبذ كله، وأرجع تكوين الشخصية ونشأة الأمراض إلى مجرد الرغبة في القوة والتعويض عن نقص الكيان. ويعتقد أدلر أن حافز تأكيد الذات وليس الدافع الجنسي، هو القوة السائدة الإيجابية في الحياة، ويرى يونغ أن الجنس ليس هو الدافع الحقيقي ولكن الرقي والسيادة والرغبة الملحة في التفوق، وأن الحب ليس الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه السيادة، وأن هناك وسائل أخرى لا علاقة لها بالحب الجنسي.
ويرى أدلر أن الشعور بالنقص أهم في الأمراض العصرية من الأمور الجنسية التي بالغ فرويد في إبراز خطورتها. ويقول يونغ أن آراء فرويد ذات جانب واحد وغير ناضجة، وأن مصدر سرور الطفل في الحصول على الغذاء هو الليبيدو، ولكن يجب أن لا يوصف بأنه جنسي أبدا، وذلك باعتبار أن الدافع الجنسي لم يتميز بعد عن الميل الابتدائي للحياة، وينكر يونغ أن يكون الليبيدو جنسيا بكليته.
يستنتج مما سبق في هذا الفصل المتعلق بالكتاب المدرسي أن المشرفين والمسؤولين التربويين المستغربين، أبوا إلا أن ينقلوا عدوى الاستغراب إلى التلاميذ والطلبة الأبرياء، وأن يجردوه من كل ما له علاقة بهويتهم وأصالتهم بقذفهم في أحضان المدنية الغربية. وياليتهم لقونهم - من خلال الكتاب المدرسي - أسس هذه المدينة ومبادئها وأطلعوهم على الجوانب المفيدة فيها، وحثوهم على الإقتداء بعظمائها من المفكرين والعلماء والقادة. لكنهم لم يفعلوا، بل ملأوا صفحات الكتاب المدرسي (مادة اللغة الفرنسية)، يصورون الممثلين والممثلات والمطربين والمطربات وعارضات الأزياء، وذلك في قالب جذاب وأسلوب فتان يجعل التلميذ يدرك أن هؤلاء الأشخاص هم أبطال المدينة ورسلها. فيشرع في تقليدهم وتقمص شخصيتهم ويقتني صورهم فيحملها معه أو يضعها في مكان بالبيت. كما أن المواضيع والحوارات الغرامية واللاخلاقية حضيت باهتمام بالغ من قبل مخططي هذا الكتاب وواضعيه. وكل هذا مما يتعارض مع الهدف الأسمى الذي وضع من أجله الكتاب المدرسي. ذلك الكتاب الذي ينبغي أن يضم بين دفتيه خلاصة مركزه ومبسطة عن المقومات الدينية والتاريخية والحضارية للتلميذ المغربي، إلى جانب الوسائل والطرق المنهجية الملائمة، والتي من شأنها أن تساعد التلميذ على استيعاب تلك المقومات وتمثلها. هذا إذا كان الكتاب يتعلق بمادة تاريخية أو ثقافية أو أدبية إلخ ... أما إذا كان الأمر متعلقا بلغة أجنبية (فرنسية أو إنجليزية أو إسبانية) فينبغي أن يتعلم التلميذ تلك اللغة في حد ذاتها، لا أن يكون تعلمه لها وسيلة لتمثل فكرها وثقافة وعادات وسلوك أبنائها، فيصبح بذلك وبالا عليه؛ وهو ما أراده المسؤولون والمشرفون على تعليم اللغات الأجنبية ببلادنا.
وكما تقوم مادة اللغة الفرنسية بدور خطير في مجال انحراف السلوك وتغريب الأخلاق، تسعى مادة الفكر الإسلامي والفلسفة إلى إحداث بلبلة في العقل وتشويش في العقيدة، من خلال مباحث الفلسفة ومباحث العلوم الإنسانية، وخاصة علمي الاجتماع والنفس، ولعل ما بينته فيما يتعلق بمبحث علم النفس دليلا ساطعا على ذلك وحجة دامغة على مدى ما يتصف به مؤلفو الكتاب من روح استغرابية وضعف كبر من ناحية الأمانة العلمية، بحيث أنهم- كما أشرت - لم يهتموا بعرض الآراء التي تنتقد الأطروحات المعروضة في هذا الكتاب المدرسي، بل أضفوا عليها  الطابع العلمي حتى لا يشك التلميذ في صحتها، وتقوم بدورها التخريبي على أتم وجه.

د. عبد الله الشارف؛ من كتاب : "الاستغراب في التربية والتعليم بالمغرب"، ألطوبريس طنجة سنة 2000. من ص 79 إلى ص101.
([1][1])-وزارة التربية الوطنية (المؤلفون) الفكر الإسلامي والفلسفة "السنة الثالثة الثانونية" ... ص278.
([1][2])-د. احمد عزت راجح "أصول علم النفس" مطابع الأهرام التجارية القاهرة 1973 ص 410-144.
([1][3])-وزارة التربية الوطنية: الفكر الإسلامي والفلسفة (الكتاب المدرسي) ص 284 - 285.
([1][4])-كلفن هال "أصول علم النفس الفرويدي "ترجمة دم فتحي الشنيطي / دار النهضة العربية بيروت 1970ص2.
([1][5])-دافيد باكان "فرويد والتراث الصوفي اليهودي" ترجمة د. طلال عتريسي المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت 1988 ص 56.
([1][6])- دافيد باكان نفس المرجع ص 9.
([1][7])- دافيد باكان نفس المرجع ص 9.
([1][8])-دافيد باكان نفس المرجع ص 7-8.
([1][9])- دافيد باكان نفس المرجع ص 269.
([1][10])- دافيد باكان نفس المرجع ص 34.
([1][11])- دافيد باكان نفس المرجع ص 272.
([1][12])- دافيد باكان نفس المرجع ص 264.
([1][13])- دافيد باكان نفس المرجع ص 266.
([1][14])- دافيد باكان نفس المرجع ص 270.
([1][15])- دافيد باكان نفس المرجع ص 16.
([1][16])- "الفكر الإسلامي والفلسفة" الكتاب المدرسي ... ص375.
([1][17])-  "الفكر الإسلامي والفلسفة" الكتاب المدرسي ... ص 278-279.
([1][18])- "الفكر الإسلامي والفلسفة" الكتاب المدرسي ... ص 280.
([1][19])-انظر مثلا قاموس الالند الفلسفي A. Lalande Dictionnaire du Vocabulaire Philosophique. Ed. Puf. France.
([1][20])-نسبة إلى الفيلسوف الألماني كانط.
([1][21])-J. C. Filloux ; L’inconcient P.U. F, Paris 1963 - P9 - 10.
([1][22])-نفس المرجع ص 13 - 14.
([1][23])-G. Politzer (Ecrits: Les Fondements de la Psychologie) Ed. Sociales Paris 1973 P 297.
([1][24])- عبد الله الشارف "قراءة في مفاهيم نفسية وتربوية مستوردة" مجلة القرويين / العدد الخامس 1414/1933 ص 264.
([1][25])- فاليري لبين "مذهب التحليل وفلسفة الفرويدية الجديدة" دار بيروت 1981 ص 15-16.
([1][26])- راجع على سبيل المثال مؤلفا بعض علماء النفس أمثال: إريك فروم، كارل يونغ، ألفرد آلدر، كارك هورني، ويلهيم رايش...
([1][27])-دافيد باكان نفس المرجع ص 6-7.
([1][28])- "الفكر الإسلامي والفلسفة" (الكتاب المدرسي)... ص 285-286.
([1][29])- نشرت جريدة لوفيغارو الفرنسية في احد أعاداها الأخيرة أن عالمين ألمانيين من علماء النفس "ورنر غريف" و "جانيت روس" قاما باستجواب أطفال في السن الأوديبية" فجاءت النتيجة مفاجئة، حيث أكد العالمان المذكوران إثر تجاربهما أن قصة  الحب / الكراهية الثلاثية بين الأب والأم والطفل التي أطلق عليها سيغموند فرويد "عقدة أديب" لا وجود لها إلا في مخيلة مخترعها.
استنادا إلى هذا الرأي، يأتي العالمان الألمانيان بأدلة في كتابهما المعنون بـ"نهاية عقدة أوديب، حجج ضد "أسطورة" والذي يوجه ضربة قاسية إلى التحليل النفسي الفرويدي البني على هذه العقدة.
لا شك أن الجميع سيتذكر "أوديب" البطل الأسطوري الإغريقي الذي قتل أباه وتزوج أمه، ولا شك أن الجميع يعرف أن فرويد على هذه المرجعية كتب في سنة 1878 - أنه نفسه يعشق أمه ويحسد أباه، وقرر بالتالي أن يعتبر هذه الظاهرة حادثا مهما في طفولة أي إنسان، كما أضاف فرويد أن الحل الذي يقدمه الطفل لهذه المشكلة هو الذي يحدد صحته النفسية في سن البلوغ.
بعد تسعين سنة من هذا الاكتشاف الفرويدي جاء "ورنر غريف" و "جانيت روس" ليؤكدا أن الأطفال - صبيانا وبناتا - لا يمرون من المرحلة التي وصفها الطبيب النمساوي (فرويد) وقد أجرى العالمات بحوثهم على 130 طفلا بين السن الثالثة وسن التاسعة من بينهم 61 صبيا و 67 بنتا، بالإضافة إلى آبائهم وأمهاتهم (....).
([1][30])-"الفكر الإسلامي والفلسفة" (الكتاب المدرسي)... ص 282-283.
([1][31])- دافيد باكان ........ ص 41.
([1][32])- دافيد باكان ........ ص 225-226.


إرسال تعليق

0 تعليقات