الاستغراب في فكر الدكتور عبد الله العروي

سم الله الرحمن الرحيم

1 ـ الاستغراب الفكري:
1.1 ـ في مجال التاريخ: تبني التاريخانية .
يقول الدكتور عبد الله العروي: « نستطيع أن نقرر أن التاريخانية هي فلسفة كل مؤرخ يعتقد أن التاريخ وحده العامل المؤثر في أحوال البشر، بمعنى أنه وحده سبب وغاية الحوادث»[1][1].
إن كاتبنا عندما يقرر أن التاريخ وحده العامل المؤثر في أحوال البشر،  يكون قد جعل للتاريخ منطقا خاصا وكيانا مستقلا عن البشر وإرادتهم. معنى هذا أن البطولة الانسانية منعدمة وأن الفرد لاقيمة ولافاعلية ولادخل له في صنع الحوادث وتوجيهها.
لاشك أن الدكتورعبد الله العروي قد طغت على تفكيره النزعة الفلسفية التي حملته على التشيع للتاريخانية،بما تقوم عليه من أصول فلسفية. وبالرغم من
كونه اجتهد في التنكر لميولاته الفلسفية، وحاول الابتعاد عن الفلسفة، إلا أنه قد وقع في شركها، وهذا ما يؤكده عبد السلام بنعبد العالي في قوله :« إلا أننا نلفي عندنا مفكرين أقرب إلى الفلسفة لا يكتبون فيما عهدنا أن نطلق عليه مؤلفات فلسفية مثل الخطيبي الذي يصرح بأنه يكتب على هامش الفلسفة، والعروي الذي يوظف مفاهيم الفلسفة ويتغذى من منابعها، ويرفض صراحة أن يلقب فيلسوفا، فيميز بين اجتماعيات الثقافة وبين ما يطلق عليه الإغراق في التأمل النظري»[2][2].
وغني عن البيان أن الفلسفة ـ بعد الفيلسوف الالماني هيجل- قد أخلت المكان للتاريخ، كما أن كارل ماركس قال :"لاعلم إلا التاريخ". ومن هنا يتبين كيف أن العروي ـ تحت التأثير الماركسي ـ اهتدى بالتاريخ وبالنزعة التاريخانية انطلاقا من مفهوم حتمية التاريخ ومفهوم تلك النزعة؛ « يرى العروي أن العالم العربي لايستطيع أن يقدم بديلا للحداثة التي نشأت في الغرب ... وغدت حتمية عالمية»[3][3].
ويتوجه الدكتور العروي إلى المثقف العربي قائلا: «إن الترياق الوحيد حتى الآن الذي عثر عليه، الشافي من الشيطان الداخلي لكل مثقف عربي هو التاريخانية. فإنقاض قيمتها هو في نظرنا شكل من أشكال العدوان الثقافي»[4][4].
إن الدكتور عبد الله العروي عندما يعتبر "العالم العربي" عاجزا عن تقديم بديل للحداثة الغربية، وأن هذه الحداثة أصبحت "حتمية عالمية"، يبرهن على وقوعه هو الآخر في الفهم الآلي لمفهوم الحتمية.
إن الحتمية التي تعني أن نفس الشروط تؤدي إلى نفس النتائج، يسهل ملاحظتها والتأكد من فاعليتها عندما نكون إزاء ظواهر طبيعية أو اشياء مادية، أما عندما يتعلق الأمر بالظواهر والحالات النفسية والاجتماعية، فإن تطبيق مفهوم الحتمية كثيرا مايتعذر، ذلك لأن وقوع سبب معين لايؤدي دائما إلى حدوث نفس النتيجة في مجال النفس والمجتمع.
إن الاعتقاد بصحة مبدأ الحتمية في المجال النفسي والاجتماعي والتاريخي، تنبني عليه قضايا تتعارض من جهة مع الشخصية السوية والمريدة، ومن جهة أخرى مع قواعد العقيدة والإيمان، فالإنسان الذي يعجز عن مواجهة مشاكل نفسية واجتماعية  معينة ـ مع وجود امكانية التغلب عليها ـ ويستسلم للأنا، هو انسان يؤمن بطريقة أو بأخرى بمبادئ الحتمية في المجال النفسي والاجتماعي، ويوهم نفسه بأن الأزمة النفسية والاجتماعية التي حلت به، لم يكن من الممكن تجنبها، وبالتالي يصبح وكأنه آلة عديمة الحرية خاضعة لقوى نفسية خفية . إن الاعتقاد بأن العوامل النفسية والاجتماعية والتاريخية تتحكم في شخصية الإنسان وذاته وأن الإنسان مقسور في إطار من الجبر الذي تفرضه هذه العوامل على تصرفاته، يتعارض ويتنافى مع مفهوم الإيمان بالله وإرادة الفرد والالتزام الأخلاقي كما يتنافى مع الفطرة البشرية.
وعلى أساس من مبدأ التقدم الحتمي، ظهرت مدارس متعددة تحاول كل منها ان تفسر حركة التاريخ بعوامل مادية وعلل اجتماعية ونفسية خالصة، فظهرت المدارس الجغرافية بزعامة (براون) و(ميشليه)، تفسر حركة التاريخ بظواهر جغرافية، وظهرت المدرسة النفسية بزعامة (تارد) و(غوستاف لوبون) ثم (فرويد)، تفسر التاريخ بعلل نفسية، وظهرت المدرسة الاثنولوجية بزعامة (تين) و(ميشليه) تفسر التاريخ عن طريق الجنس أو العرق، ثم ظهرت المدرسة المادية التاريخية بزعامة (كارل ماركس) تفسر التاريخ بالعلل الاقتصادية .
ولم يعن اكتساح المفهوم الإلحادي للتطور القائم على مبدأ التقدم الحتمي طبقا لقانون ثابت للفكر الغربي، ارتداد جميع المسيحيين عن مسيحيتهم، والذي بقي فيها من مبادئ الإيمان الصحيح، الإيمان بالخالق وبأن العالم مخلوق، لذا واجهت فكرة التطور بهذا المعنى الإلحادي الذي ذكرناه كثيرا من الانتقادات العنيفة التي وجهها إليها عدد من العلماء في الغرب. فقد رفض هؤلاء أن يتصوروا المجتمع البشري يسير في ذلك الخط الذي رسمه أصحاب مدرسة التقدم الحتمي، ورأوا على العكس من ذلك أن الإنسان خلق في الأصل على درجة عالية نسبيا من الرقي الثقافي، ولكن هذه الثقافة الأولى الراقية تعرضت لبعض عوامل مضادة، ولبعض الظروف غير المناسبة التي دفعت بها إلى هوة التدهور والتأخر والانحلال... فتاريخ الثقافة بدأ ـ في رأي هؤلاء المعارضين ـ بظهور جنس بشري متحضر على سطح الارض، ثم لم تلبث هذه الثقافة الأولى أن اتجهت وجهتين مختلفتين؛ إما إلى نكوص وتدهور وانحطاط ترتب عليها ظهور المجتمعات المتوحشة، وإما إلى تقدم وارتقاء ورفعة أدت إلى ظهور الشعوب المتحضرة الراقية. وقد ظهر هذا الاتجاه المعارض بشكل جلي عند بعض رجـال الدين واللاهوت على الخصوص في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشرالميلاديين، ومن أكبر مشايعي هذه النظرة الأسقف (هويتلي) أسقف (كانتربري) في ذلك الحين، والذي كتب كتابا بعنوان "مقال عن أصل الحضارة" كان له دوي كبير في الأوساط الثقافية والعلمية.

2.1 ـ تاريخ المغرب .
لا أحد في الأوساط الثقافية المغربية يشك أن الدكتور عبد الله العروي يعتبر من الكتاب المغاربة المهتمين بتاريخ المغرب، وممن لايستهان بمساهماتهم الإبداعية في مجال فن التاريخ. ولعل شهرته في هذا الباب قد طرقت أسماع كثير من المثقفين الغربيين خصوصا وأن مفكرنا يكتب بالفرنسية والانجليزية إضافة إلى العربية. في مقدمة كتابه"مجمل تاريخ المغرب" يقول : « إن القارئ غير راض عما يجده اليوم في السوق من الكتب حول تاريخ المغرب، إذا رجع إلى المؤلفات القديمة وجـدها مليئة بالحروب والثورات والخرافات وأشعار المناسبات. وإذا التفت إلى الرسائل الجامعية، تاه في نظريات مبهمة عن المنهج، أو في تحليلات دقيقة حول منطقة أو أسرة أو تنظيمة اجتماعية. وإذا التجأ إلى كتب الاجانب رآها تزخر بأحكام استعمارية تعكر عليه صفو يومه، فيسخط ويقول: أين مؤرخونا ؟ لمإذا لايعيدون كتابة تاريخنا ؟»[5][5].
يفهم من هذا النص أن كاتبنا يدعو إلى تجديد الكتابة التاريخية حول المغرب عبر تجاوز الكتابة المغربية التقليدية؛ مثل كتابة الناصري، وابن زيدان، ومحمد داود، والمختار السوسي. ومن جهة أخرى عن طريق نقد الكتابة الاستعمارية وكشف خلفياتها وتناقضاتها. لكن هل يستعمل الدكتور عبد الله العروي في محاولته التجديدية وتحليله لتاريخ المغرب المنهج العلمي الموضوعي السليم أم ينطلق من إطار ايديولوجي معين؟
لاشك أنه ليس في مقدوره  ـ ولا في مقدور أحد من الباحثين ـ أن يدرس تاريخ المغرب بروح علمية متجردة غاية التجرد، لكون علم التاريخ يعد من أعقد العلوم الإنسانية على الإطلاق، حيث تمتزج عقلية الدارس بالموضوع المدروس أيما امتزاج، وبالتالي يستحيل أن يكون حكم المؤرخ على واقعة أو حدث تاريخي معين حكما موضوعيا تماما.وغني عن البيان أن العلوم الإنسانية وعلى رأسها علم التاريخ وعلم السياسة وعلم الاجتماع، مازالت تعاني منذ أزيد من قرن آثار مشكلة المنهج، ولا تبدو في الأفق تباشير فجر جديد بالنسبة لهذه العلوم. ومما يزيد في الطين بلة أنها مافتئت مرتبطة بالمصالح السياسية والايديولوجية للحكومات، وأصحاب السلطة والقوة في الغرب.
إن التجديد في الكتابة التاريخية بالنسبة للدكتور العروي يكمن أساسا في تبني المنهج الماركسي. لكنه لم يلتزم به ولم يتخذ موقفا حاسما كما ادعى، من رؤية المؤرخين المغاربة التقليديين، ورؤية المؤرخين الأوربيين ذوي النزعة الاستعمارية، إذ كثيرا مايفسر بعض التحولات والوقائع التاريخية في المغرب مستلهما تحليل أولئك المؤرخين، وبالتالي يكون قد أخل بالوفاء للروح التجديدية التي أفصح عنـها في مقدمة الكتاب . ومن بين النصوص المؤكدة لذلك قوله :»كانت كل مناطق الامبراطورية الأسيوية والإفريقية تعرف نفس المعضلات، لذا عندما استجاب جيران الروم الجنوبيون، أي العرب، إلى دعوة الإسلام وتوحدوا في نطاق دولة فتية وخرجوا من الجزيرة، فإنهم انتظموا بدورهم في سلك الورثة. دخلوا المغرب بصفتهم فاتحين منتصرين على الروم، وخلائفهم على ما بيدهم. تحكم من جديد منطق الوراثة في مجرى الأحداث فاضطر العرب بعد المحاربة إلى تقليد سياسة الروم وواجهوا نفس الصعوبات. هكذا تعاقب على حكم المغرب الوندال من 429م إلى 533م، ثم البيزنطيون من 533م إلى 649م ثم العرب من 649م إلى ثورة الخوارج سنة 714م. يخدع بسهولة المتغلب اللاحق المتغلب السابق ثم يواجـه الصعوبة الحقيقية ويعجز عن إخضاع السكان الأصليين. يـنزع الفاتح الحكم من فاتح سابق ثم لايتعدى المنطقة التي تعود المغاربة منذ زمن طويل أن يروها خارج قبضتهم. تظهر الأحداث وكأنها تعيد نفسها»[6][6]. «تصرف العرب كالوندال والبيزنطيين أي كورثة، ومن يدعي أنهم خرموا عقد سيرورة المغرب فإنما يتذرع بشئ غير موجود لإبداء أحكام واهية»[7][7].
لولا أني أعلم أن كاتب هذين النصين هو د.عبد الله العروي، لأجزمت أنهما من كلام مستـشرق مثل( ليفـي بروفنـسال)،  أو مبعوث إتنولوجي مثل (إدمونـد دوتـي) أو مؤرخ استعماري مثل (جول إيركمان) . كيف يتسنى لدارس أن يماثل بين أهداف الرومان والوندال من جهة، وأهداف الفتح الإسلامي من جهة ثانية؟ وإذا كان الأمر كذلك، لماذا لم يتبن البرابرة حضارة الرومان وثقافتهم ؟ ثم أليس دخول البرابرة في الإسـلام وتصاهرهم مع المسلمين الفاتحين وغيرهم من المهاجـرين، دليـلا قاطعا على اقتناعهم بأن هؤلاء الفاتحين ليسوا من جنس الغزاة المستعمرين؟ أم أن كاتبنا يتجاهل حقائق تاريخ المغرب؟ كما إن قوله:  »... ومن يدعي أنهم خرموا عقد سيرورة المغرب فإنما يتذرع بشئ غير موجود لإبداء أحكام واهية... الخ « يعبر عن الفكر التاريخاني الذي طالما أشاد به، ذلك الفكر الــــذي لـه علاقة مباشرة بالماركسية.
وقد جاء في كتابه:  "أزمة المثقفين العرب تقليدية أم تاريخانية" :
« تستمر الغالبية العظمى من المثقفين العرب في ميلهم إلى السلفية والانتقائية، وما هو أغرب من ذلك أيضا اعتقاد هؤلاء المثقفين في أنهم يتمتعون بحرية كاملة تسمح لهم بحيازة أفضل منتجات الآخرين الثقافية. فيالها من حرية أشبه بحرية العبد الرواقي!إن الوسيلة الوحيدة للتغلب على هذين النمطين من الفكر نجدها في الانقياد الدقيق لنظام الفكر التاريخي، مع تقبل جميع افتراضاته. وقد سبق لنا أن عرفنا أهمها. فبعضها يحدد التاريخانية: الحقيقة من حيث هي سيرورة وموضوعية الحديث، والتحديد المتبادل للوقائع ومسؤولية الفاعلين. ويحدد التاريخانية آخرون: وجود قوانين التطور التاريخي، وحدانية اتجاه التاريخ، قابلية نقل المكتسبات، فعالية دور المثقف و السياسي. وقد حللت هذه النقاط المختلفة باقتضاب تقريبا في الصفحات السابقة، وانتهينا في ذلك إلى أن أفضل مدرسة للفكر التاريخي يجدها العرب اليوم في الماركسية مقروءة بطريقة معينة»[8][8].
معنى هذا أن كل الفتوحات والغزوات التي خضع لها المغرب تعتبر حلقات في إطار سيرورة تاريخية، هذه السيرورة التي ستعبر عن أسمى مراحلها مع تحقيق الماركسية الشيوعية.
ويقول أيضا متلهما أفكار المؤرخين الاستعماريين: » بعد برهة وجيزة خضع العرب بدورهم للضرورة وقنعوا بما قنع به كل الفاتحين من القرطاجيين. صحيح أن العقيدة الإسلامية غزت مغرب الوسط ومغرب الصحراء. لكن بعد تطور بطيء ولأسباب يجب أن تدرس في محلها، أي في الوقت الذي كان فيه أكثر فعالية. الفتح العربي أمر عادي من الوجهة التاريخية، لايعجب منه ولايستنكره إلا من له مقصد معين. دعا العرب الناس إلى عبادة الاله الواحد، هذا كل مافعلوه، وهل أحس المغاربة فعلا أن الدعوة جديدة عليهم؟»[9][9].
يستنتج من هذا الكلام أن كاتبنا ينفي نفيا قاطعا أن يكون الفتح الإسلامي للمغرب يحمل مزايا أو خصائص تدعو للإعجاب، ومعنى هذا أن رسالة الإسلام التي حملها الفاتحون إلى المغرب لاتعني شيئا بالنسبة إليه. كما أنه ليس من المنطقي استنكار هذا الفتح مادام يشكل حلقة من حلقات السيرورة التاريخية. ولاتعدو أن تكون تلك الرسالة مجرد دعوة دينية بسيطة لم يلمس منها المغاربة آنذاك أي شئ جديد. أي أنهم اعتبروها كالدعوة المسيحية.
بيد أنه إذا كانت الحقيقة فيما يدعى، لمإذا دان البربر بالإسلام ودافعوا عنه بشجاعة واستماتة لم يسبق لها مثيل في تاريخهم؟. ومن أمثلة هذه الاستماتة خروجهم بعد اعتناقهم لمذهب الخوارج ضد الجيوش المبعوثة من قبل بني أمية، حيث يحدثنا التاريخ أنهم كثيرا ماكانوا يلحقون بهذه الجيوش هزائم منكرة.
وعندما يفسر كاتبنا سبب إسلام المغاربة بعد الفتح يقول :«أسلم المغاربة كلهم فيما بعد... هذا صحيح، لكنه بعد قرون ولدوافع كلها جديدة، منها أولا إرادة الاستقرار في البلاد عند الفاتحيين العرب، لم تكن هذه الإرادة واضحة لدى الفنيقيين والرومان» !![10][10].
ماهذا المنطق ؟ أين هو التحليل الموضوعي النزيه؟ أولا يدري كاتبنا أن أقواما كثيرين دخلوا في الإسلام دون فتح، ولا وجود نية في الاستقرار، بل مجرد الدعوة إلى الله، كما حصل في قبائل شتى من قبائل الجزيرة العربية، أو عن طريق التجارة كما كان الحال بالنسبة لجزر أندونيسيا ولجمهوريات روسيا الإسلامية. ولو افترضنا أن المسلمين غادروا أرض المغرب بعد استقرارهم مايقرب أو يزيد عن قرن- أي مايقل بكثير عن استقرار الوندال والرومان- من الزمان وتركوا زمام أمور الدولة في يد البربر، هل معنى ذلك أن الدولة الإسلامية ستصبح أثرا بعد عين؟ وأن المجتمع البربري بأكمله سيرتد عن دينه ويعانق الوثنية من جديد ؟
ثم ماهو الدليل على قوله » إن إرادة الاستقرار لم تكن واضحة لدى الفنيقيين والرومان« ؟ هل كان شاهدا على عقد الحماية بين الطرفين، أو التوقيع على وثيقة تخول للفنيقيين أو الرومان المكوث بالمغرب لأجل مسمى؟ أم هو مجرد تخمين. ولعله تخمين غيره من المؤرخين الأوربيين.
ومتى كان المستعمر ينوي عدم الاستقرار بأرض وطئتها قدمه؟ لما غزت فرنسا مثلا أرض الجزائر هل كانت تنوي الخروج لولا إرادة  الجزائريين؟ وإذا كانت فرنسا القرن التاسع عشر الميلادي تفكر ـ بالرغم من مناداتها آنذاك بشعارات الثورة؛ وهي الحرية والعدالة والأخوة ـ في إلحاق أرض الجزائر بأرضها إلى الأبد، ماذا عسانا نقول بالنسبة لدولة عسكرية استعمارية كدولة الرومان؟
3.1ـ في مجال العقيدة الوضعية: تبني الماركسية.

من المسلم به أن الاستغراب مستويات بعضها أعلى أو أعمق من بعض. وكلما ازداد الإنسان نهلا من الثقافة الغربية، كلما قوى احتمال وقوعه في أسرها. ولعل الاستغراب العقدي يكون أعمق مستويات الاستغراب، إذ أن الشخص المنتمي إلى العالم الثالث المعتنق لعقيدة غربية وضعية كالماركسية، يجد من القوة الباطنية للدفاع عنها وعن معالم الحضارة الغربية ومبادئها ما لا يجده ذلك المستغرب الساذج المتعلق بقشور المدنية الغربية. والأستاذ عبد الله العروي بحكم دراسته في الغرب، وبحكم اطلاعه على المذاهب الفكرية والفلسفية الغربية، وبحكم معرفته الواسعة بنظرياتها ومناهجها، كان حظه موفورا من أدبياتها وإعجابه فائقا بآلياتها ونتائجها. وهذا ما تبلوره لنا نصوصه مثل قوله : «والماركسية هي ذلك النظام المنشود الذي يزودنا بمنطق العالم الحديث، لأننا لم نعش أطوار العالم الحديث المتتابعة، ولم نستوعب بنيته الكامنة (أي المنطق الديمقراطي الليبرالي)، فان تعرفنا عليه مجزأ، كل قطعة مفصولة عن الأخرى، الاقتصاد عند (ستوارت ميل)، والاجتماع عند (كونت)، والفلسفة عند (وليم جيمس)، والاخلاق عند (روسو)، ومنهجية العلوم عند (كلود برنار) مثلا... فإننا لن نتوصل أبدا إلى روح العصرية ومفهوم المعاصرة. سنبقى متشتتي الأذهان، تلاميذ بلا نباهة غرباء عالم شيد بجوارنا وربما على أرضنا، نستلذ به ولا نتوصل إلى فهم نواميسه. والماركسية هي أحسن طريق لاستيعاب ذلك المنطق ولكي تلائم ذهنياتنا ووضعياتنا »[11][11].
إن في قوله : » والماركسية هي أحسن  طريق لاستيعاب ذلك المنطق « دعوة صريحة للاستغراب والذوبان في فلك الغرب. وبما أننا لا نستطيع تحقيق المراحل التاريخية والاجتماعية التي مر بها العالم الحديث في القرون الأخيرة، فإن اعتناقنا للماركسية وتطبيقنا إياها ـ باعتبار أنها تمثل عصارة الفكر الغربي في أسمى تجلياته ـ سيمكننا من اكتساب روح المعاصرة ومنطق الحضارة الغربية. ويرى الأستاذ العروي في هذا الصدد أن نظرة العرب إلى الغرب تميزت بثلاث لحظات تاريخية :  1 ـلحظة الشيخ (محمد عبده)؛ 2ـلحظة الليبرالي ( لطفي السيد)؛ 3 ـلحظة التقني (سلامة موسى). وبما أنها لحظات تجزيئية فإنه يدعو إلى نظرة شمولية للغرب عن طريق الماركسية.[12][12]
ثم إن الماركسية التي هي «علم العلوم أو مجموع شروط العلمية»[13][13]، شرط أساسي للخروج من التخلف. « وكان علينا أن نستفيد من أصول الماركسية ذاتها ومن تجارب الأمم والثورات منذ القرن التاسع، لكي لا نتخلف ولا نضيع الوقت»[14][14]. «فالدور التاريخي الغربي الممتد من عصر النهضة إلى الثورة الصناعية هو المرجع الوحيد للمفاهيم التي تشيد على ضوئـهاالسياسات الثورية الراميـة إلى اخراج البلاد غير الأوربية من أوضاع وسطـــوية مترهلة إلى أوضاع صناعية حديثة. ليست هذه الفرضية فكـرة مسبقة بل نتيجـة استطلاع التاريخ والواقع، وهي المبرر الوحيد لحكمنا على السلفية والليبرالية والتقنوقراطية بالسطحية، وعلى الماركسية بأنها النظرية النقديـة للغرب الحديث، النظرية المعقولة الواضحة النافعة لنا في الدور التاريخي الذي نحياه»[15][15].
ألا يتناقض الأستاذ عبد الله العروي مع نفسه حين يقول:  » إن الاختزال التاريخي للثورات في الغرب لاتحققه لنا إلا الماركسية  «؟ أو ليس هو الذي تبنى المذهب التاريخـاني القائم على التطور المنطقي للتاريخ؟ كيف يمكننا الجمع بين الإيمان بتطـور منطقي ومادي للتاريخ وبين القول بإمكانية القفزعلى مراحل تاريخية واجتماعية معينة (الاختزال التاريخي)؟ ويا ليت المجتمعات التي يرجى أن يتحقق فيها هذا القفز والاختزال كانت ذات طبيعة حضارية وثقافية مماثلة لتلك التي مارست الماركسية.
« لكن قبل ذلك، بلغت ايديولوجية الحداثة مع الماركسية كقماط لها، ذروة طمحت معها إلى أن تكون فلسفة للتقدم معتمدة بنفسها وقابلة لما ينجم عن مقدماتها من نتائج. ولعل أفضل من عبر عن هذا الطموح عبد الله العروي الذي انتقد أفكار المحدثين، ولم يجد فيها إلا محاولات جزئية وشكلية لتقرير حداثة سطحية تغطي التعلق بالماضي ولا تجرؤ على الذهاب إلى ما وراء السطح إلى الجوهر، أي إلى الفلسفة ذاتها. وقال إن العرب لا يعيدون تفسير الغرب وتأويله، ولا يقرأونه إلا من أجل إنقإذ الدين والتراث. ومن هنا فإن برنامج الحداثة المنهجية التي يدعو إليه، هو تغيير الأسس الفلسفية للفكر العربي الحديث، أو بالأحرى إعطاؤه أسسا فلسفية ما زال يفتقد إليها. وهذه الأسس ليست إلا الماركسية التاريخانية التي تتنافى مع الماركسية الوضعية العربية المسؤولة عن وضع الجدال النظري في مأزقه التاريخي.
وهكذا يكتشف العروي أنه إذا لم يستطع العرب الخروج من تأخرهم، فذلك لأنهم مازالوا يرفضون القيام " بهذه الثورة الثقافية التي قامت بها ألمانيا في القرن التاسع عشر، وروسية لينين وصين ماوتسي تونـغ: أي إدراك وحدة التاريخ ووجهته وما يستلزمه ذلك من الارتماء في بحر هذه الحركة العامة التي تسمى العقلنة والتحديث ".
ومن هنا يصل العروي إلى ما وصل إليه أنصار الحداثة من السابقين فيقول: " لا خلاص دون الاستسلام للروح التاريخية؛ ولا بد من التضحية بالجوهر ( أي بالذات) لإنقاد الوجود ". ولم يخطئ هشام جعيط عندما كتب منتقدا العروي: "هذا يعني إعلان موت الثقافة العربية الكلاسيكـية، كما يعني في الوقت ذاته تماهي العرب مع الإسلام التاريخي" »[16][16].
إن الماركسيين كلهم درسوا الماركسية قبل دراستهم للإسلام، وفهموا الدين من منظور الحياة الغربية مجسدة في تاريخ الكنيسة التي اتسمت مواقفها التاريخية بتحريف الوحي الإلهي وإلغاء دور العقل واحتقار الإنسان، وإقرار المظالم واستغلال الدين ببشاعة نادرة من أجل مصلحة طبقة رجال الدين النصارى الذين تحالفوا مع الملوك والنبلاء الطغـاة. وظن الماركسيون أن مقولة ماركس حول الدين تنطـبق على الإسلام من منطلق إسـباغه صفة العصمة والقانون العلمي على تلك المقولات، وأدى بهم الأمر إلى إلغاء عقولهم جميعا تجاه عقل ماركس، فلم يحاولوا عرض أقواله على بساط البحث والمراجعة.

2 ـ الاستغراب الايديولوجي .
1.2 ـ مقدمة حول مفهوم الايديولوجيا.

أجمع النقاد الباحثون في مجال الدراسات الاجتماعية والإنسانية بأن قضية تحديد المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالعلوم الإنسانية، من أصعب القضايا المعرفية الموجودة. والسبب في ذلك يرجع إلى أن العامل الذاتي يسيطر على مواضيع هذه العلوم أكثر مـن العامل الموضوعي، حيث إن الإنسان هو الدارس والمدروس في آن واحد، بالإضافة إلى أن العلوم الإنسانية رغم المجهودات المبذولة في سبيل تقدمها وتطوير مناهجها لم تلحق بالعلوم المادية الطبيعية، وغدا من الصعب مثلا أن يتفق علماء الاجتماع على تعريف موحد لمصطلح من المصطلحات الاجتماعية.
وقد يكون مفهوم الايديولوجيا أبرز مثال للإختلاف في التعريف، فالاشتراكيون يعرفون الايديولوجيا انطلاقا من منظومتهم الفكرية. والمفكرون الغربيون في أوربا وأمريكا لهم تعريفاتهم الخاصة، بل إنهم يختلفون باختلاف المدارس التي ينتمون إليها. فأصحاب المدرسة الوظيفية يختلفون مع البنيويين. وهؤلاء يختلفون مع أصحاب الوضعية المنطقية وهكذا. كما أنهم كثيرا يدخلون تعديلات على بعض المصطلحات، أو يعيدون صياغتها حسب الزمان والمكان.إن ما أصاب الايديولوجية الاشتراكية في العقود الأخيرة  من ارتكاس واندحار أثر حتما في فهم الاشتراكيين لمعنى الايديولوجيا، وبالتالي تغير مضمونها.
ويرى (كارل مانهايم) بأن " الايديولوجيا هي الوعي الزائف بالذات"، في حين يذهب (ماينو) إلى أن "الايديولوجيـا تظل كلمة مطبوعة إلى حد بعيد بذلك المعنى الذي أسبغه عليها الماركسيون الدين يرون أن جوهـر الايديولوجيا هو إرادة التعبيرعن المصالح الحيوية لجماعة أو لطبقة اجتماعية ". ويلاحظ (ريمون آرون) الالتباس العميق المستخدم في كلمة ايديولوجية، فهي تـارة تكون ذات معنى حيادي بل إطرائي وطـورا بمعنى متبذل ، ويرى: «أن هناك تذبذبا في استخدام تعبير ايديولوجيا يتراوح بين المعنى الحجاجي : الايديولوجيا هي الافكار المزورة، هي تبرير المصالح والأهواء، وبين المعنى المحايد : الصياغة الجدية لموقف معين اتجاه الواقع الاجتماعي أو السياسي» [17][17].
ويرى (أندري لالند) في قاموسه الفلسفي أن (دستوت دوتراسي)  هو واضع مصطلح الايديولوجيا، وذلك إبان فترة الثورة الفرنسية (1789)، ثم تناقلته أقلام الدارسيين الفرنسيين خلال القرن التاسع عشرالميلادي. وفي كتابه "مذكرة حول ملكة التفكير" ذهب (دوتراسي) إلى أن الايديولوجيا تمثل : "العلم الذي يدرس الأفكار بالمعنى الواسع لكلمة أفكار وخصائصها وعلاقتها بالوعي الاجتماعي"[18][18]. وبما أن ظهور هذا المصطلح تزامن مع الثورة الفرنسية فقد كان يكتسي طابعا ثوريا. ولايخفى على احد مدى قوة الأفكار التي نادت بها البرجوازية الصاعدة مثل العدالة والاخوة والحرية، وتأثيرها في الشعب الفرنسي الذي صنع الثورة.
لقد كانت مدرسة دستوت دوتراسي تسعى في البداية لأن تكون علما للمعاني والأفكار المجردة، يدرس نشأتها وتاريخ تطورها بدءا من الاحساسات الأولية التي اهتم بها عصــر العقل (القرن17م) خاصة (جون لوك) و(كوندياك). ولم تكن تلك الصياغات وقفا على القضايا المعرفية فقط، بل جاوزتها إلى الامور السياسية ايضا. فوقفت لذلك وراء قادة الثورة الفرنسية، واستعمل أولئك القادة أفكار (مدرسةالايديولوجيا) كسلاح لايستغنى عنه في الصراع ضد العقائد السياسية والدينية المتسلطة، التي اعتمد عليها النظام السابق في الحكم.

2.2 ـ تحليل عبد الله العروي للايديولوجيا.
لعل الأستاذ عبد الله العروي أول كاتب مغربي استخدم بغزارة لفظ الايديولوجية في إنتاجه الفكري، وهذا مايتضح عند الاطلاع على مؤلفاته مثل "الايديولوجية العربية المعاصرة" أو "العرب والفكر التاريخي" أو "مفهوم الدولة " أو"مفهوم الحرية" أو "مفهوم الايديولوجية". والسبب في ذلك يرجع إلى ان الأستاذ كان من المغاربة الأوائل الذين تبنوا الفكر اليساري وعملوا على نشره، ومناصرة الايديولوجية الماركسية الاشتراكية. إذ بما أن الكتابات الماركسية في الشرق والغرب، كانت أكثر الكتابات استعمالا لمفهوم الايديولوجية خصوصا في العقود الثلاثة الأولى للنصف الثاني من القرن العشرين، بات من الضروري أن يكون لهذا الاستعمال صدى لدى الكتاب المغاربة الماركسيين. أضف إلى هذا أن الأستاذ العروي يتميز بتكوين فلسفي لا بأس به، خاصة فيما يتعلق بالفلسفة الأوربية في عصر النهضة والقرون المتأخرة .ومفهوم الايديولوجية كما سيتبين من إبداع الفلسفة الأوربية زمن الثورة الفرنسية. وقد تعرض الأستاذ العروي لتحليل مفهوم الايديولوجية في كتابه "مفهوم الايديولوجية "
يقول في مقدمة هذا الكتاب :« إن مفهوم الايديولوجيا ليس مفهوما عاديا يعبر عن واقع ملموس فيوصف وصفا شافيا، وليس مفهوما متولدا عن بديهيات فيحد حدا مجردا، وإنما هو مفهوم اجتماعي وتاريخي، وبالتالي يحمل في ذاته آثار تطورات وصراعات ومناظرات اجتماعية وسياسية عديدة، إنه يمثل "تراكم معان"، مثله في هذا مثل مفاهيم محورية أخرى كالدولة أو الحرية أو المادة أو الإنسان»، ثم يقرر« أن كل نقاش حول مفهوم الايديولوجيا يستلزم الاطلاع على أصله وصيرورته، وبالتالي على المذاهب الفلسفية المتعلقة به»[19][19].
يقترح الأستاذ العروي تعريب كلمة ايديولوجيا لتصبح على وزن افعوله أي (أدلوجة)، ويعرض لمعنى الأدلوجة كقناع وكنظرة كونية، وكعلم للظاهرات.
أولا ـ الأدلوجة كقناع : يندرج تحت هذا المعنى استخدام القرن الثامن عشر الذي يرى الأدلوجة عبارة عن الافكار المسبقة الموروثة من عصور الجهل والاستعباد والاستغفال.
واستخلص مانهايم في كتابه :"الايديولوجيا والطوباوية" أن الايديولوجيا هي الابتعاد عن الواقع والعجز عن إدراكه، من هنا كانت الحركة الاشتراكية تنعت الليبرالية بأنها ايديولوجية، بينما تنعتها هذه بأنها طوباوية. ويرجع عجز الايديولوجيا إلى أنها متعلقة بوضع تجاوزه التطور، في حين يرجع عجز الطوباوية إلى أنها متعلقة بمستقبل مستبعد التحقيق. إن كل منظومة فكرية تكتسي صبغة ايديولوجية أو طوباوية حسب الظرف التاريخي الذي تظهر فيه والفئة الاجتماعية التي تستعملها. فقد كانت الليبرالية في القرن الثامن عشر طوباوية، ثم انقلبت إلى ايديولوجيا في القرن اللاحق. ويندرج مفهوم الايديولوجيـة والطوباوية تحت مفهوم واحد هو الوعي الزائف. إن المثقف الحر من كل انتماء هو وحده القادر على الانتقال من منظور إلى منظور وهو الذي يصل إلى الوعي الصادق والموضوعية، لانه يقارن بين الايديولوجيات، وينقـد الواحدة من منظور الاخرى، في حين لايمكن لمعتنق ايديولوجية معينة أن يفعل ذلك.
ثانيا ـ الأدلوجة  كنظرة كونية : الأدلوجة تعبر عن مصالح فئوية إذا نظرنا إليها في إطار مجتمع آني، ولكنها نظرة إلى العالم والكون إذا نظرنا إليها في إطار التسلسل التاريخي . فالفلسفة الالمانية ممثلة بالرومانسيين وهيغل، تعتبر أن كل حقبة تاريخية تتميز بروح خاصة بها هي تجسيد "للروح المطلقة" ، هذه الروح تحل في النتاج الفكري وآثارتلك الحقبة، ولاسبيل إلى فهم فكر و ثقافة أية حقبة تاريخية بدون فهم روحها الخاصة. إن كل ثقافة تمثل "الروح المطلقة" في فترة معينة، فهي بالنسبة للفترة اللاحقة ناقصة ولكنها بالنسبة للتاريخ العام تامة كاملة.
ثالثا - الأدلوجة / علم الظواهر : تحت هذه المعنى يتطرق الأستاذ العروي إلى نظرية ماركس حول الأدلوجة أو كما يسميها (ادلوجياء ماركس).
ينتقل ماركس إلى دراسة الأسباب الواقعية التي تمنع الذهن البشري من ان يعكس بنية الاشياء الحقيقية، فيتجه إلى نظرية الاستلاب الناجم عن توزيع العمل الاجتماعي. فنظرا إلى انفصال الشغل بالفكر عن الشغل، باليد يتصور المفكـر أن ما يجري في ذهنه منفصل تماما عما يقوم به غيره من عمل جسماني.هذا من جهة، ومن جهة ثانية يعزل التوزيع العامل عن وسائل عمله، فتصبح وسائل العمل قوة يتخيل الفرد أنها قوة خارجية عنه ومتحكمة فيه.
إذا هناك ارتباط بين الظاهرات التالية : الملكية الفردية ، فصل العامل عن وسائل عمله، توزيع العمل، الوعي المزيف، والعلاقات بين المفاهيم السابقة علاقات تولدية: الملكية الفردية تكمن وراء سلب العامل من وسائل العمل، والتوزيع وراء الاستلاب، والاستلاب وراء الوعي المزيف" .[20][20]

الدكتور عبد الله الشارف
من كتاب : الاستغراب في الفكر المغربي  المعاصر


[21][1] ـ د. عبد الله العروي " مفهوم التاريخ" ، المركز  الثقافي العربي، بيروت -الدار البيضاء ، 1992 ، ج 2 ، ص 349 .
[22][2] ـ عبد السلام بنعبد العالي: "الفكر الفلسفي في المغرب" دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت ، 1983 ، ص 8.
[23][3]ـ Driss Mansouri: "Penseurs Maghrébins contemporains", Ed. Eddif 1993. Maroc  p.213.
[24][4] ـ د. عبد الله العروي : " أزمة المثقفين ..." ص 112.
[25][5] ـ د. عبد الله العروي: "مجمل تاريخ المغرب" ، المركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع الدار البيضاء، 1984.
[26][6]ـ د. عبد الله العروي: "مجمل تاريخ المغرب ، ص 97 – 98.
[27][7]ـ نفس المرجع، ص 119.
[28][8]ـ د. عبد الله العروي: "أزمة المثقفين العرب تقليدية أم تاريخانية؟" ترجمة د. ذوقان قرقوط، المؤسسة العربية للنشر والتوزيع، بيروت 1978 ص 152 ـ 153.
[29][9]ـ د. عبد الله العروي :"مجمل تاريخ المغرب"، المركز الثقافي العربي للنشر والتوزيع ، الدار البيضاء، 1984، ص 119.

[30][10] ـ د. عبد الله العروي: "مجمل تاريخ المغرب"  . ص 118.
[31][11] ـ عبد الله العروي :"العرب والفكر التاريخي" المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ، 1983 ، ص 63.
[32][12] ـ انظر كتاب: "الايديولوجية العربية المعاصرة" د. عبد الله العروي ، ترجمة مجمد عيتاني ، ص 45 وما بعدها، دار الحقيقة بيروت ، 1970.
[33][13] ـ د. عبد الله العروي: " مفهوم الايديولوجيا" المركز الثقافي العربي بيروت -
الدار البيضاء ، 1983 ، ص84 .
[34][14]ـ عبد الله العروي: " العرب والفكر التاريخي" ، مرجع سابق ، ص 49.
[35][15]ـ عبد الله العروي: "الادلوجه" ، المركز الثقافي الدار البيضاء 1980 ص 25.
[36][16]ـ د. برهان غليون: " اغتيال العقل" (محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية) دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، 1987. ص197 ـ198.
[37][17]-   Raymond Aron (trois essais sur l’age industriel )
.Paris,  Plon 1966, p 215
[38][18]ـ André Lalande "Vocabulaire technique et critique de la philosophie" .  Ed. PUF Paris 1976 p.458.
[39][19]- د . عبد الله العروي: " مفهوم الايديولوجيا" المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء 1984 ص 5.

[40][20] ـ منير الخطيب "مفهوم الايديولوجيا في الفكر العربي المعاصر" (بتصرف) مجلة الوحدة ع 75 دجنبر 1990 ص 116 ـ 117 ـ 118.

إرسال تعليق

0 تعليقات