الطاهر بن جلون والأدب الجنسي الفرنكوفوني





لا تكاد تخلو رواية واحدة للكاتب الطاهر بن جلون من الصور والمشاهد الجنسية، أو الكلام الفاحش، مما يوحي بأن هذا الكاتب مر في طفولته ومراهقته، بأحداث ووقائع اجتماعية ونفسية داخل الأسرة أو خارجها، كانت سببا في الثورة على القيم الخلقية والتقاليد والأعراف، أو أنه بعد اطلاعه على الأدب الجنسي الفرنسي الساقط، استهواه ووقع في أسره فنحا نحوه، أو للسببين معا.


في رواية “حرودة” يتحدث الراوي وهو طفل صغير، عن وجوده في الحمام مع أمه بين النسوة العاريات: “أدفع ببدني العاري بين فروجهن…”1


وفي مقطع من رواية “الكاتب العمومي”  نقرأ “كنت مسحورا ببشرتها…. وطلبت منها من أن تحملني على ظهرها… وأدخل يدي تحت قميصها حتى ألامس صدرها، كانت ذات نهود … ”2


“….وفي الرابعة من عمري، لم يكن عضو المرأة التناسلي يشكل لي سرا من الأسرار، وكنت أتصوره شيئا مرغوبا فيه وممنوعا في نفس الوقت… بيد أن كل شيء ينهاني عنه الإله أو عائلتي تجدني أنجذب نحوه” 3


أكتفي بهذه النصوص من بين عشرات النصوص التي تتحدث عن عالم الجنس في خيال الطفل الراوي، لأنتقل إلى نصوص أخرى تعبر عن العالم نفسه على لسان الراوي..


بعد حديث بين الراوي وفتاة أجنبية حول هجرة أسرته من فاس إلى طنجة، شرع في الكلام عن خطيبته الأولى وغرامياته معها. “خطيبتي وزوجتي الأولى، أول جسد محتضن، … محبوب… ”4


"خلال رمضان تلتحق بي آخر المساء، في مكان خال فوق شاطئ صخري… حيث ننظر إلى أضواء مدينة طريفة… وكانت تزورني في الرباط، وتقضي معي في الحي الجامعي، الليلة أو الليلتين….”5


وفي رواية ” أشجار اللوز ماتت بجراحاتها” يصف بنات طنجة بأسلوب غزلي مستهتر وسخيف6. بعد ذلك يستعمل الأسلوب نفسه في حديثه عن بنات تطوان ونسائها7، كما يسخر من عقلية أهلها “الذين يحرصون على شرف بناتهم عندما ينصحونهن بصيانة بكارتهن ويحذرونهن من مخالطة الذكور”. ثم ينتقل إلى الحديث عن طلبة الثانوية في المركز الثقافي الفرنسي حيث يتبادل الإناث مع الذكور نظرات وكلمات الغزل… ويختم حديثه بمحاولة غرامية بين طالب وطالبة في منزل هذه الأخيرة.


وليس هناك شك في أن جل وقائع الروايات المذكورة لها علاقة بحياة بن جلون ، وخصوصا تلك التي دارت أحداثها في فاس، مسقط رأسه، أو طنجة التي هاجرت إليها أسرته، أو تطوان التي درس فيها. ويبدو أن هذا الروائي ، كما أشرت آنفا، كان ساخطا منذ طفولته على التقاليد والأعراف الاجتماعية المغربية، مما جعله يثور عليها ويسخر منها على لسان الراوي، بيد أنه اختار الكلام الجنسي النتن، كتعبير عن هذه الثورة “في مدينة تطوان، حيث كنت أشعر بالسأم والفراغ، عينت مدرسا في ثانوية صغيرة…8


قررت أن أتفرغ لتلاميذي…. الذين كانوا لا يخفون إعجابهم بسقراط وماركس وفرويد… هذا الأخير يفتح لهم نافذة على عالم الجنس  الذي… أثناء شرحي للتحليل النفسي عند فرويد، تحمر وجوه الفتيات… بعض الآباء يعتبرونني عنصرا مشاغبا وفتانا… أحيانا كنت أمارس الحب (الجنس) مع فتاة جميلة تدعي أنها طالبة حرة تحضر مباراة ولوج مدرسة بإسبانيا… علمت في النهاية أنها تحترف الزنا مع بعض أعيان المدينة9 .


يا لها من حياة عاشها الطاهر بن جلون في مدينة تطوان، وهو يمارس رسالة التعليم؟


1- -        Harrouda Ed. danoel 1973 Paris


3 – T.Ben Jelloun, Harrouda 2


3 –’ T.Ben Jelloun ,Lecrivain public Ed suite Paris 1983 p 23-24


 


د. عبد الله الشارف، جامعة القرويين، كلية أصول الدين تطوان/المغرب. 2012.

إرسال تعليق

0 تعليقات