الشام؛ فتن وعبر ونبوءة


إن مما يستخلصه المطلع على الأحاديث النبوية المتعلقة بالشام، أن هذا البلد أحسن وأطيب وأبرك البلدان بعد مكة والمدينة. وأفضل ما في الشام أرض فلسطين؛ حيث القدس ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولقد حل ونزل بالشام، خلال السنوات الأخيرة من الفتن والمصائب والهرج والمرج، أي شدة القتل، ما يشيب له الولدان.
وبلد الشام المكلوم بمثابة مرآة ينعكس فيها حالنا ووضعنا. فإذا أراد أراد المسلم أن يعرف حال المسلمين، ووضعهم الديني والاجتماعي والحضاري، فلينظر إلى الشام، إذ في مرآتها يتجلى له ذلك.
جاء في سنن أبي داود بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم". معنى هذا أن وضع الشام مقياس ومرجع لوضعنا، أي أن فساد حال الشام دليل وأمارة على فساد الأمة ووهنها.
ومع أن قلب المؤمن يتألم لما نزل وينزل بالشام، فإن تلك المصائب والفتن المحدقة بها، تنفي عنها الخبث، وتطهر قلوب أهلها، وإنها تعيش اليوم مخاضا عسيرا تسترجع بعده، بإذن الله عافيتها وقوتها. وإذا صلح أمرها، اندفع الصلاح والإصلاح إلى باقي أقطار البلاد الإسلامية. ومن أوتي حظا من بصيرة القلب يتنسم عبير النصر وتباشيره.
ومما لا شك فيه أن أرض الشام مجمع رايات المسلمين حين الملحمة الفاصلة الكبرى، فإنها كما ورد في الحديث النبوي؛ "فسطاط المسلمين"، أي مجمع راياتهم، وأرض الوغى والمعركة الحاسمة.
ومن الأحاديث الواردة في فضل الشام، ما يلي:
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام يوما في الناس، فقال: (يا أيها الناس توشكون أن تكونوا أجنادا مجندة جُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْمَشْرِقِ، وَجُنْدٌ بِالْمَغْرِبِ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي فَتًى شَابٌّ فَلَعَلِّي أُدْرِكُ ذَلِكَ، فَأَيَّ ذَلِكَ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا صَفْوَةُ اللَّهِ مِنْ بِلادِهِ يَسُوقُ إِلَيْهَا صَفْوَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ، وليسق من غدره، فَإِنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ). أخرج الطبراني في المعجم الكبير.

إرسال تعليق

0 تعليقات