نظرت إلى الكعبة نظرة أشرقت لها روحي، واهتز كياني، وطرب قلبي، ورقصت خلاياي، فشق علي مغادرة المكان من شدة الأسر ووطأة الحال.فما أعذبها من لحظات، وألذها من إحساسات، وأسناها من إشراقات. فكاني باليقين قد بلغ مداه، حتى لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا، وبالشوق قد حقق مناه. فما كان مني والحالة هاته إلا أن عاهدت ربي على ما عاهدته عليه عسى أن أكون بذلك شكورا.
اسكن أول بيت
يا عبد الله؛
لا تسكن في مساكن الذين ظلموا، ولا تسكن إلى بيت بنيته ورفعت قواعده، فقد يتصدع أو يخر عليك سقفه، واسكن أول بيت وضع لك تظفر بالهدى والبركة، وتنعم بالأمن وتشملك الرحمة وتتجلى لك الآيات البينات، واسأل الله استضافتك. وإذا لم تطأ أقدامك فناءه ولم تستطع إليه سبيلا، فاملأ قلبك بحب رب البيت وعظمه، فكم من حاج لم يحج، وكم من قاعد حيل بينه وبين ذلك قد نال رضا الله وعفوه.
تغشتك ليلة عرفات
يا عبد الله؛
تغشتك ليلة عرفات فلا أثر، وأظلك يومها الندي فلا مطر ولا عبر, فأرض نفسك جذباء قاعا صفصفا ما الخبر ؟ ضيف طاف بك فأقليته، وتعرف إليك فأنكرته، فأنت لحقيقة نفسك أشد إنكارا. اجعل أيام عمرك عرفات، ترفع حجب نفسك، وترن بعين قلبك إلى الغرفات، وإلا فقد علا الران ووقع الختم، وحيل بينك وبين خالقك لأن "الله يحول بين المرء وقلبه".
د. عبد الله الشارف؛ "واردات وخواطر إيمانية" 2002/تطوان/المغرب.
0 تعليقات