ابن عربي الصوفي ووحدة الأديان



 

مما لاشك فيه أن محيي الدين بن عربي الصوفي كان من المتصوفة القائلين بوحدة الوجود، تلك النظرية التي ترجع في أصولها إلى الفلسفات الهندية واليونانية، والتي تسربت إلى الثقافة الإسلامية بعد اتساع رقعة العالم الإسلامي واحتكاك المسلمين بغيرهم من الشعوب والأمم. كما أن هذا الصوفي صرح بعض تآليفه بفكرة وحدة الأديان المنبثقة عن نظرية وحدة الوجود، وهو القائل:

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه داني
لقد صار قلبي قابلاً كلّ َ صورة ٍ
فمرعى لغزلان، ودير ٍ لرهبان ِ
وبيت ٍ لأوثان ٍ وكعبة طائف ٍ
وألواح توراة ٍ ومصحف قرآن ِ
أدين بدين الحب أنى توجهت ْ
ركائبه، فالحب ديني وايماني

في الأبيات السابقة إشارة صريحة لموقف ابن عربي القائل بوحدة الاديان, وكان يقول إن مرشديه في الطريق الروحي هم ثلاثة موسى وعيسى ومحمد عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام.
ويقول الدارسون لتراث ابن عربي إن مفهوم وحدة الأديان عنده يقوم على إرجاع حقيقة كل دين إلى جوهره الأساسي, وهو يعتقد أن كل الأديان في جوهرها واحدة. ويرى بأن الفروقات بين الأديان في العبادات والطاعات مجرد فروق لا تمس الجوهر إذ أن الحق واحد في أصله غير أنه في كل عصر انما يتجلى على لسان نبي من الأنبياء, بحسب لغة قومه وعلى هيئة ما يفهمون وطبقاً لما يعقلون.
ويذهب ابن عربي إلى حد يصور فيه قلبه مجالاً يستوعب كل الأديان والمعتقدات بحثاً عن الكمال. ومعلوم أن هذا التصور والاعتقاد يعتبر انحرافا أو مروقا عن الدين الحنيف الذي هو الإسلام قال تعالى:
"إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب" (سورة آل عمران، آية 19) . وقال عز وجل: "" ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه " آل عمران 84)

د. عبد الله الشارف، كلية أصول الدين، تطوان المغرب، جمادى الثانية 1433-أبريل 2012.

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. عزيز الغضباني1 أبريل 2014 في 11:45 ص

    شكرا استاذي الجليل على هذه الذرر وجازاك الله عنا خيرا............. واقول:
    ان ابن عربي الصوفي ذهب الى ابعد من هذا في طريق بحثه الرامي الى الكشف عن الحقيقة التي كان يسعى من خلالها حسب زعمه الى التقرب الى الله وبالتالي معرفة اسرار العالم العلوي لانه كان يعتبر ان الوحي لن ينقطع بموت سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وانما يبقى هذا الوحي سابحا في الكون يلتقطه مبشارة الاولياء والاقطاب العارفين مباشرة وبدون واسطة جبريل عليه السلام ، وكان ابن عربي يقول انه ولي اخر الزمان ولا ولي بعده كما قال رسول الله صلى الله وعلية وسلم لانبي بعدي، ويقر ايضا ان مرتبة الولي فوق مرتبة النبي ، لان النبي يتلقى الوحي بالواسطة على عكس الولي الذي يلتقط الوحي مباشرة دون واسطة من احد وفق ما كان يدعيه .
    ومن جانب اخر اعتبر ابن عربي الصوفي نفسه لبة من الذهب لذلكم البيت الذي قال فيه سيد الثقلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم انه لبة من الفضة التي اكمل بها الباري جل شانه بناء دين التوحيد من ادم الى خاتم الانبياء صلى الله عليه وسلم ، وعن مذهبه في وحدة الكون او الاتحاد اي اتحاد الخالق مع جميع مخلوقاته وكان ابن عربي بسبب هذا الزعم يقول ما دام الله يتحد ويحل في مخلوقاته فان عباد الاصنام كانوا يعبدون الله لانه سبحانه وتعالى يتحد مع هذه الا صنام بحلوله فيها ، بل قال ان فرعون انما غذب بسبب تصيصه لنفسه ربا دون غيره ........سبحان الله عما يصف هؤلاء .......

    ردحذف